السوسنة - .. وأنه جاء السؤال الفلسفي، في اليوم 115 من أيام الحرب الملتهبة على أوكرانيا، إذ غزا الجيش الروسي تلك البلاد، وما زال في حالة الحرب.
.. بدأت قوى كثيرة تطرح أسئلة ليست من العسكرية أو الأمنية بشىء، منها سؤال:
ماذا لو كانت روسيا غزت أي بلد آخر؟.
ماذا لو كانت أوكرانيا لا تزرع القمع ولا تعد طعام المائدة العالمية؟
*قمح أوكرانيا.. وأزمة الغذاء.
حقيقة الأمر، بحسب مصادر منظمة الفاو وتقارير الأمم المتحدة، فإن قمح أوكرانيا، وهي تحت الحرب، بات طوق النجاة لإنقاذ الدول الفقيرة من أزمة الغذاء، ومن مجاعات تجتاح العالم، خصوصا الدول الفقيرة والعالم الثالث ودول غرب وشمال إفريقيا، بما في ذلك الشرق الأوسط.
قبل الحرب، أي قبل أقل من نصف العام، لم يكن العالم يقرأ خطط حلف الناتو أو الولايات المتحدة الأمريكية، فالعديد من الدول في قارات الدنيا، والإفريقية، والعربية، والآسيوية، كانت تروح أزماتها للتعافي من تداعيات جائحة فيروس كورونا، كوفيد-19، بما في ذالك الأثر الاقتصادي ومتعافي قطاع الأعمال والنقل والسياحة.
*فروقات الحياة.. والموت في 115 يوما
ماذا لو ذكرت منظمات العالم الأممية، ضرورة منع الحرب على أوكرانيا؛ لأنها تبدو سلة غذاء العالم، بالقمح والذرة وتصنيع الزيوت النباتية؟
لهذا بات من الدبلوماسية السياسية وإدارة الأزمات والمفاوضات، فهم لماذا وضعت فرنسا وتركيا خططها، التي دخلت المنافسة، برغم حساسية الحرب الدائرة، متنافسة "وهي دول في حلف الناتو" لتصدير القمح والمواد الغذائية من أوكرانيا،(...) وذلك في وقت يتزايد فيه القلق بشأن التأثير السلبي المحتمل على العديد من الدول آسيا وإفريقيا، وغيرها من البلدان.
.. حديث الحرب عن دمار وعقوبات ورغيف الخبز، وهذا ما نقل عن رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، الذي أكد أنه من الأهمية بمكان أن يتم إعداد جدول زمني لتصدير القمح الأوكراني مع انعقاد قمة مجموعة السبع نهاية الأسبوع المقبل.
إيطاليا، حتى تدحج السؤال، تدعو لفكرة إصدار قرار للأمم المتحدة، من شأنه أن يسمح لقافلة تابعة للأمم المتحدة بمراقبة سفن الحبوب التي تغادر ميناء أوديسا على البحر الأسود الخاضع لسيطرة أوكرانيا وموانئ أخرى باتجاه مضيق البوسفور، ولكن التمنيات، يتبعها الرئيس بوتين بالرفض المطرح، فبدا منتصرا، وإن كان النصر على رغيف خبز الفقراء.
* تركيا.. والبحث عن الطرق الآمنة.
تحاول تركيا أردوغان، لعب لعبة عض الأصابع؛ (...)، فتروج في ذات الوقت، لخيارات عديدة، أولها الطرق الآمنة من ثلاث موانئ أوكرانية، على الرغم من عدم سلامتها وأمنها العسكري مثل إزالة الألغام من الموانئ، إذ كان من المفترض في السابق أن إزالة أكثر من 400 لغم،.. وفي ذات الوقت، ومع المقترح التركي، ما زالت أوكرانيا، حذرة من السماح للسفن الروسية بدخول موانئها ما لم تحصل على ضمانات أمنية من الأمم المتحدة بان روسيا لن تستخدمها لشن هجمات مباغتة.
.. تركيا، عززت أفكارها، بما نقل عن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الذي قال: إن السفن التجارية، التي ربما قد يقودها أوكرانيون، بإمكانها أن تبحر ذهابا وعودة دون الحاجة إلى إزالة الألغام، مشيرا إلى أن تركيا سوف تفتش السفن التجارية بحثا عن أي أسلحة مهربة، وذلك لإقناع روسيا بجدوى بالخطة.
*مشغول عليك مشغول.
في الغناء المصري النادر، غنى محمد عبد الوهاب من كلمات الشاعر حسين السيد، أجمل أغاني عن الزرع والأمن الغذائي:
القمح الليلة.
"ليلة عيده يا رب تبارك و تزيده
لولى ومشبك على عوده.
.. والدنيا وجودها من جوده
عمره ما يخلف مواعيده
يا رب تبارك و تزيده".
.. هذا الوضع غاب عن أهواء روما التي كانت سلة غذاء العالم، إلى أن جف الزرع والضرع، وجاء سؤال:
ماذا لو بقينا نزرع القمح، وبقيت الحرب، تدك طحينها في أرضها، فلا وقت اليوم، غير الإجابات والاحتمالات.
.. ومع ذلك، ووفق أجندة الحرب، تذكر مصادر الأمم المتحدة أنه: كان قد جرى تصدير معظم المواد الغذائية، التي تنتجها أوكرانيا، وهي إحدى سلال الخبز في العالم، من سبعة موانئ على البحر الأسود. في الأشهر الثمانية التي سبقت اندلاع الصراع، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، أي حوالي 51 مليون طن من الحبوب، حيث بلغت قيمة الصادرات 47 مليار دولار في السنة.
موازين الحرب تثقل، تتحول إلى تهديدات عسكرية وعصبية ونفسية، فمن لا يموت تحت حراب الحرب، قد يموت جوعا.. فالحرب هي اليوم حرب القمح والذرة.
.. أجندات منظمات الأمم المتحدة، تدور في فلك السؤال: ماذا؟