من الأمور المؤسفة التي مرت بحقيقة مرة ...أن شابا اسمه سالم وضع في مخيلته نية الزواج ، باحثا عن شريكة حياته والتي رسم في ذهنه جمالها وطولها ولون شعرها وكل المواصفات التي يهتم بها شباب اليوم ويرى فيها فتاة أحلامه .
وخلال عمليات البحث عن فتاة الأحلام والتي رسمها سالم في مخيلته والتي أخذت منه وقتا طويلا انه وخلال سفره برفقة أخته وفي احد المجمعات الخاصة لنقل الركاب -- تصادف وجودهم بوجود فتاة ذات المواصفات التي في مخيلة سالم ، فيقترب سالم وأخته من الفتاة وبدأت أخته بالحديث معها بانتظار وصول الباص . ويتطور الحديث إلى أن تم تبادل أرقام الهواتف الخاصة بين الفتاتين ، وبعد فترة تطورت العلاقة إلى زيارات عائلية بين العائلتين ، زيارات استكشافية يتم خلالها التصنع والتظاهر بغير الواقع الحقيقي التي تعيشه العائلتين وخصوصا أن سبب الزيارات غير المعلنة هو معرفة الأجواء العائلية التي يعيشها الطرفين ، والتحضير للهدف الرئيسي وهو طلب العروس .
.
فتبدأ العائلتين بتبادل حلو الكلام والابتسامات اللطيفة واللباس الفاخر والعطر الجذاب المميز ، وترى سالم وقد ظهر في مظهر حلو بلباسه وتسريحة شعره وبنظافة حذائه ، وبالتصنع بالكلام وبالمدنية. ويتحدث والديهم عن مغامراتهم الاجتماعية خلال شبابهم ومعارفهم الكثيرة وسجلاتهم العامرة بالشجاعة ، وأنهم من طبقة اجتماعية مميزة ولا يصعب عليهم طلب ولا واسطة حكومية ، وان جميع طلباتهم الخاصة بهم ملباه و ليست عندهم أية مشكلة مالية أو اقتصادية فوضعهم الاقتصادي مميز ، ولا يوجد عندهم ما يدل على الفقر والعوز
.
وهنا عاش سالم بخياله الواسع وتولدت لديه قناعة تامة بأن أهل هذه الفتاة هم من سيعملون على حل كل مشاكله المالية وعليه ترتيب وضعه الاقتصادي الصعب الذي يمر به وبالمقابل تعيش العروس لحظات نشوة وسعادة خيالية فما سمعته من حديث وكلام منمق ولّد لديها قناعة مفادها أن هذا الشاب تجتمع فيه صفات الوسامة والخلق والمال الوفير ، ورتب سالم زيارة طلب العروس المبدئي بين أهله وبين أهل العروس وتتم الزيارة و طلب يد العروس المبدئي و الموافقة على العطاء ، ويتم أيضا الاتفاق على المهرين المؤجل والمعجل وتوابع المهر ،وتم عقد القران بعد ذلك بأسبوع . وتبدأ مرحلة الخطوبة ، وتبدأ معها مرحلة كشف الحقائق أولا بأول .
ويعيش سالم مرحلة حرجة في حياته وترفع عا ئلة سالم يدها عن دعم سالم ماليا .مبررة أن عليه أن يرتب وضعه بنفسه مع أهل خطيبته وليس باستطاعتهم مساعدته ، ويبدأ أهل العروس بكشف الواقع الحقيقي لسالم وان أهله قد تخلو عن مساعدته، ويتضح لسالم أن أهل العروس وضعهم المالي والذي بنى عليه آماله ضعيف .وهنا تبدأ الطلبات المتعلقة بالزواج الواحدة تلو الأخرى. فيجد سالم أن ما لديه من مبلغ مالي بسيط لا يكفي لهذه الطلبات ذات التكلفة المالية الكبيرة ويتم الطلب من سالم بإحضار طلبات العروس كاملة من ذهب وشراء جهاز العروس وحجز الصالة وغيرها من الطلبات . فتعيش العائلتين بأجواء مشحونة بغضب ونكد ولا يعرف سالم ماذا يفعل . فلا يوجد من يساعده على تنفيذ متطلبات الزواج لا من أهله ولا من أهله العروس .
وتجتمع العائلتان للاتفاق على النقاط الرئيسية للزواج ويلح أهل العروس على إحضار جميع طلباتهم ويعتذر أهل العريس عن إمكانية تلبيتها جميعها في الوقت الحالي بسبب وضع سالم المالي . ليتم تبادل الاتهامات والمناقشات بين العائلتين وتحصل مشادات ومناقشات كلامية يعلو فيها صراخ الطرفين واستمرت محاولات رأب الصدع عدة اشهر الا أنها بائت جميعها بالفشل ...و يتم خلالها الطلب من أهل العروس الاتفاق على الطلاق وانهاء هذا الوضع المأساوي .
وتتم إجراءات الطلاق وتذهب كل أماني وطموحات سالم هباءا منثورا, ويتحمل سالم تبعات الطلاق من المهرين المؤجل والمعجل وما يقرره القاضي الشرعي -- ليبدأ بدفع إقساط لزواج مزيف وعروس تم طلاقها .فيحزن سالم حزنا شديدا ويختفي عن أنظار الناس ويبكي مستقبله الذي ضاع وضاعت معه آماله .
.
فعلى طالبي الزواج وأهالي الشباب والشابات المقبلين على الزواج عدم التمثيل الاجتماعي وعدم التغرير بالناس والعيش في خيال ليس للواقع فيه أي دور ، فلا تخدع الناس سواء كنت من أهل العروس أو من أهل العريس ، ويجب عليك إعطاء الحقيقة والواقع الصحيح مهما كلف الثمن ، لتبقى العلاقات الاجتماعية والأسرية مبنية على المحبة والوفاق و تخلو من النفاق ولا يكون عاقبتها الطلاق كما حدث في هذه العلاقة المزيفة .
حمانا الله وإياكم من كل ما يعكر الصفوة والمحبة والألفة بين الناس
انه سميع مجيب