واضح أن الرئيس رجب طيب أردوغان صدم محبيه ومتابعيه خاصة من العرب، وممن يعتبرونه القائد الإسلامي الأول، بسبب انقلاب مواقفه، وتقديمه تنازلات مفاجئة وغير متوقعة لخصومه.
أردوغان الذي كان يقدم نفسه زعيماً للإسلام السياسي في العالم الاسلامي، وتحظى مواقفه المناصرة لقضايا الامة بتأييد الملايين، يظهر اليوم رجلاً براغماتياً من الطراز الأول، يتخلى عن مواقفه مقابل استغلال الظروف وتوظيفها لمصالحه السياسية والاقتصادية بعيداً عما يعلن، فالعلن شيء، وما يستر شيء آخر، في النهاية النتيجة النفعية..
على محبي أردوغان الا يتفاجأوا، فهو قائد استثنائي بالنسبة للدولة التركية وبارع سياسياً، فقد حقق ازدهارا اقتصادياً لشعبه، ووظف كل الإمكانيات في سبيل تحقيق ذلك، فكان يميل مع الريح، ويتلون ويتغير دون أن يرف له جفن، فهدفه واحد دائما وابداً وهو «تركيا أولاً» وليحترق الجميع..! ورغم ان أردوغان فشل كثيرا في إدارة البلاد داخليا–وفق معارضيه–إلا أنه استطاع أن يتربع على كرسي الرئاسة لسنوات طويلة، يتوقع معارضوه خروجه منه في الانتخابات المقبلة، واستطاع لدورات عديدة أن ينتصر في الانتخابات بسهولة ويسر لما يتمتع به من قاعدة انتخابية عريضة في البلاد، ولكن مع هذا التغير والانقلاب هل من الممكن أن يفوز في الانتخابات المقبلة..؟ كثير من التيارات الإسلامية العربية لا سيما جماعة الإخوان المسلمين، استهجنت وتفاجأت استقبال أردوغان مؤخراً للرئيس الإسرائيلي اسحق هيرتسوغ، والزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الى فلسطين المحتلة «اسرائيل»، وإدانته للعمليات الفدائية الفلسطينية ضد الاسرائيليين قبل أيام.
أولاً الرئيس التركي لم يقطع علاقات بلاده مع دولة الاحتلال، وبقيت قائمة والعلاقات التجارية في أحسن صورها، وما كان يصدر عن أردوغان في سبيل دعم القضية الفلسطينية هي مواقف سياسية كلامية فقط، فقد استطاع ان يوظفها في مصالحه السياسية والاقتصادية وتكوين قاعدة شعبية عريضة مؤيدة له في الداخل والخارج.
في نهاية الأمر على محبي أردوغان في العالم الإسلامي أن يدركوا أن الرجل لا يعمل إلا لمصالح تركيا وإعادة القوة السوقية لليرة التركية وتحفيز النشاط الاقتصادي لبلاده، وأن تحالف مع تل أبيب، وغير مواقفه، فهو رجل براغماتي يقطف الثمار دون الاهتمام بالوسائل والاساليب، فاردوغان لم يأبه بموت مئات آلاف السوريين وتشريد الملايين، مقابل تحقيق المصالح الاقتصادية التركية، وكان بإمكانه أن يتدخل في سوريا بصيغة تنهي معاناة السوريين.
اليوم أردوغان، يطل على العالم بحلة جديدة وبثوب جديد، ويبدأ بفتح صفحات جديدة مع دول في المنطقة، وسنرى في قادم الأيام، الحرب التي سيشنها على معارضي هذه الدول من السياسيين المقيمين في تركيا، من خلال طردهم أو تسليمهم الى بلادهم، وعلى الجميع ألا يتفاجأ، فهذا هو اردوغان الذي نظر إليه الكثيرون على أنه الزعيم الإسلامي المخلص..!