لا يزال الجانبين الاردني والإسرائيلى يشهدان حالة من (السلام البارد) فالمخاوف الأمنية المشتركة والعلاقات الاقتصادية والتجارية والسياحية لم تؤد بعد إلى (علاقات مستقرة ) فالعلاقة سيئة للغاية.
وعلى الرغم من أن الحرب لم تعد خيارًا استراتيجيا ، وايضا لم تكن هناك صداقة من الأساس بين الجانبين ؛ الا ان المصالح المشتركة سبب على استمرار اتفاقية السلام بين البلدين، كما أن العلاقة مهمة لكلا الجانبين مما تدفعهما للحفاظ عليها ؛ ومع ذلك، ومن بعد توقيع معاهدة السلام في 1994 ، يبدو من غير المؤكد أن تنشأ صداقة تتخطى هذا الواقع.
والعلاقة الاردنية الإسرائيلية تعد مهمة وتتصدر الاولويات فى السياسة الخارجية لكلا البلدين ، وهى علاقة لا يسارع أى منهما إلى التخلى عنها على الرغم من التحديات العديدة التى واجهتها على مر السنين، وعلى الرغم من الكثير كان يراهن أن اتفاقية السلام لن تستمر بين الجانبين نتيجية لسياسات اسرائيل المتغطرسة والاستيطانية وموقفها تجاه المقدسات. واقل ما توصف هذه العلاقة بانه سلام مصالح قائم على المصالح الاستراتيجية المشتركة لا سيما الأمنية والمياه والطاقة.
وتعد زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الى عمان ولقاء جلالة الملك، كأول زيارة علنية لزعيم إسرائيلى منذ عقود وهى إشارة إلى مكانة الاردن وحضوره كدولة مؤثرة على المستوى العالمي، بالرغم أنها تخضع للاختبار باستمرار.
بالنسبة للاردن، توفر إسرائيل بوابة إلى واشنطن وبالنسبة لإسرائيل، فإن الحدود المستقرة مع الاردن تتيح لها التركيز على التهديدات التى تواجهها على الحدود الأخرى. كما أن وجود حليف عربى قوى هو جزء مهم من سياسات الدولة اليهودية الخارجية والدفاعية مع الأخذ فى الاعتبار تقليص دور الولايات المتحدة وتدخلها فى الشرق الأوسط.
ومع ذلك، لم تزدهر العلاقات بين الجانبين للمستوى الذي تسعى اليه اسرائيل نتيجة لموقف الاردن الثابت تجاه الصراع العربي الاسرائيلي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية واصرار الاردن على اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها ورفض الاردن للتوطين، وبغض النظر عن هذه الزيارة لمسؤول اسرائيلي او تلك فالمبادىء ثابتة لا تتغير بالنسبة للاردن وقد ترجمها جلالة الملك برفقة سمو الامير الحسين ولي العهد بزيارته التاريخية لراما على راس وفد اردني رفيع المستوى ؛ ففى الوقت الذى تم فيه استدعاء السفراء عدة مرات بشكل متبادل إلى الوطن كاحتجاج، استمرت العلاقات بين الاردن واسرائيل لاعتبارات تخدم القضية الفلسطينية والمصالح العليا للدولة الاردنية.
وعلى الجانب الآخر، ورغم تشابك المصالح فان هذه العلاقة تتميز بتوتر مستمر بين الجانبين رغم الضغوطات الدولية على الاردن السياسية والاقتصادية وبشكل متصاعد ، ومع ان الاردن ثاني دولة بعد مصر تعقد اتفاق سلام مع اسرائيل ومعها جاء الكثير من الأمل والتوقعات الاسرائيلية لتحقيق مكاسب سياسية لكن اصيبت بخيبة الأمل من الجانب الاسرائيلي حيث لا توجد إرادة اردنية للتطبيع رغم ان هذا هو الهدف دائمًا لإسرائيل ومن تعزيز العلاقات الثنائية على عدة مستويات وكان الهدف هو التطبيع.
ولاشك هذا له تأثير كبير على الرأى العام. لا يزال الاردنيون ينظرون إلى إسرائيل كدولة معادية ومحتلة مما يجعلها تمثل تهديدا خطيرا.
فالصراع الفلسطينى الإسرائيلى لطالما كان فى صميم الخلافات بين الدولتين ، حيث ان الاردن تربطه بفلسطين علاقة متميزة وخاصة تستند لى الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس مما يضع المملكة فى صراع دائم مع سياسة إسرائيل خاصة فى أوقات التصعيد فى الأراضى الفلسطينية.
والقضية الفلسطينية مهمة لكل من الرأى العام والقيادة السياسية فى الاردن هذا متجذر بعمق فى الطريقة التى ترى بها المملكة نفسها فى المنطقة.
اذا ليس هناك تحسن فى العلاقة بين الجانبين نتيجة الاوضاع القائمة في القدس ونتيجة للتحولات الإقليمية ويمكن أيضا لأى تقدم فى حل الدولتين أن يساعد على تعزيز العلاقات بينهما، ولكن مع استمرار الجمود الاسرائيلي ، فإن هذا أمر مستبعد للغاية.