المغامرون لا يقودون - سميح المعايطة

mainThumb

04-09-2011 03:23 AM

قد يكون المغامر شخصاً مهما في كسر حاجز أو تقليد أو إشاعة حالة من الدهشة لكن المغامرين لا يقودون دولهم ومجتمعاتهم ولا حتى أسرهم ومؤسساتهم الصغيرة لفترات طويلة.

المغامر قد يقود سيارة بسرعة كبيرة جداً لفترة قصيرة لكن لا يمكنه قيادة مركبة لمسافات طويلة وفي ظل ظروف مختلفة وصعبة بذات السرعة والطريقة , والمغامر يمكنه أن يصنع حالة تبعث على الإعجاب أو الذهول للحظات لكنه ليس صاحب فكر عميق ورؤيا قادرة على صياغة المراحل وبناء مسارات تنفع الدول والمجتمعات عقداً بعد أخر

وحتى في المراحل الاستثنائية التي نمر بها اليوم فإننا لا نحتاج إلى مغامرين تسرق أنظارهم وعقولهم أضواء ساطعة تصنعها المرحلة أو يبنون مواقف عاجلة تطلقها دوافع ومبررات مختلفة يختلط فيها ضعف النضج الخاص بالعام والقراءة السريعة لتضاريس معقدة , بل نحتاج إلى قادة في كل مكان قادرين أولاً على القراءة الهادئة, لان من يقرأ وهو مندهش ومبهور لن يختلف في عمق قراره عمن يقرأ وهو خائف ومتوتر.

في مصر الشقيقة اليوم هناك تيار بدأ يحاول ترشيد الحالة عبر بث فكر عقلاني, وهم من أهل ثورة يناير بل ومنظريها وقادتها ومما قراناه ما أشار إليه الأستاذ سيد ياسين في مقاله في الرأي قبل أيام إلى مجموعة من الأمور التي يجب أن تتم حفاظاً على الثورة وكان يستخدم كلاما منسوبا إلى الحمزاوي يضع فيه ما يمكن تسميته قواعد للمرحلة القادمة منها :-

ترشيد الخطاب والتعامل بواقعية , الابتعاد عن الأحكام العامة والمسبقة, تحديد الاولويات , الابتعاد عن عقلية الاجتثاث لكل من كان في النظام السابق , الابتعاد عن كل ما يمكن أن يهدم مؤسسات الدولة لان المطلوب هو تغيير النظام وليس هدم الدولة.

هذه الأمور يتحدث بها أهل الثورة هناك, ويمكن لكل حالة عربية أن يكون لها مسارها الخاص, لكننا في الأردن نحتاج إلى قواعد تخصنا, ومنها الابتعاد عن عقلية المغامرة في إدارة عملية الإصلاح سواء من حيث المطالبة أو التنفيذ, وهذا يعني أيضاً الابتعاد عن تضييع الوقت وهدر الفرص وامتلاك رؤية واضحة لما نريد.

ومن هذه القواعد وقف روح الإحباط والتشكيك بكل شيء التي يمارسها البعض والذين يقذفون اللون الأسود على كل شيء, كذلك الحرص على المؤسسات ومفاصل الدولة وعدم الانسياق وراء السلبية التي تقدم كل شيء على انه فساد أو خروج على القانون أو مؤامرة على الدولة لان الأحكام المسبقة والعامة يستفيد منها الأشرار أولاً وتدفع ثمنها الدولة.

وما نحتاجه أيضاً أن نحافظ على سلمية ودستورية المطالب والخطاب, ولا أقصد أن لدينا تحركات غير سلمية بل أن يكون الخطاب ضمن السياق الذي نعمل به جميعا دون تطرف يخرج بفكرة الإصلاح ولو دون قصد إلى نوع جديد من الفكر.

المغامرون لا يقودون, ويجب أيضاً إغلاق الطريق على تجار المراحل من كل الخنادق, وان يكون الرشد عنوانا للجميع من كل الأطراف حتى نصل إلى نهايات منتجة, لان المغامرة أو المقامرة قد تجعل عامة الناس تخاف من القادم, وقد تعطي مبرراً لأعداء الإصلاح في إيجاد مبررات لحربهم عليه.

ce@alrai.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد