منذ عشرات السنين ونحن نؤمن أن مؤسسة كبيرة مثل الرأي لا تقل أهمية عن البترا لوطن بحجم الاردن، وكنا نلمس ذلك كثيرا في المواقف والمناسبات الرسمية..
اذكر عندما اشتعلت النيران بمستودع صغير في مبني صحيفة الراي في أواخر التسعينات، لم يمنع الألم ومرض الموت الراحل الكبير جلالة الملك المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه من الاتصال فورا بالصحيفة مطمئناً على قلعة الاردن الاعلامية وأنها بخير .. رغم خضوعه للعلاج في مستشفى مايو كلينك في ولاية اوهايو الاميركية .
ولا ننسى بصمة شهيد الاردن الكبير وصفي التل في تأسيس الرأي، لتكون لسان حال الوطن الذي يبث هموم الناس للمسؤول وهموم المسؤول للعالم ، نعم انها الرأي قلعة الاردن التي لا تقدر بثمن عند من يقدر .
الرأي، اوجعتها طعنات كثيرة جراء تجاوزات وتنفيعات مستمرة الى يومنا هذا ما زلنا نشاهد ونسمع ما يسمى بـ " المسؤول" الذي ينظر اليها انها بقرة حلوب تصلح لينتفع بها س او ص دون كفاءة او احقية مما زاد الامور وفاقمها سوءا واساء لهذه المؤسسة التي نظر اليها الرعيل الاول انها خط أحمر وجزء لا يتجزأ من الاردن الوطن ..
اليوم ينظر اليها رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة أنها شركة لا علاقة للحكومة بها، متنصلا من كل المسؤوليات الادبية تجاه مؤسسة كبيرة بحجم الرأي، في مرحلة غاص فيه الاعلام الاردني بوحل القمع والتقييد والتضييق، وتخلى الدولة عن رعايتها له، مما فتح المجال امام الطحالب لتنتشر من هنا وهناك في ظل الفضاء العالمي المفتوح بلا قيد او حدود ..
في ظل هذه الصورة القاتمة ، لم يبق للصحفيين في الصحف الورقية خاصة الرأي الا ان يقودوا مؤسساتهم بأنفسهم ، فكما كانت لهم الارداة القوية بإطلاق صرختهم الغاضبة في وجه الادارة ، بإمكانهم اليوم أن يعيدوا ترتيب بيت التحرير واعادة البريق للصحافة الورقية من خلال تحملها المسؤوليات والعمل بمهنية ومسؤولية تحت مظلة القانون ... وكشف الحقائق للناس بعيدا عن التبجيل والتهليل والتمجيد ..
فلتكن الرأي وغيرها من الصحف الورقية اليوم سيفا مسلطا على الفاسدين ونافذة الرقابة للمواطن على عمل الحكومة والبرلمان وغيرها من مؤسسات الوطن ..
فعلى الصحفيين الذي خرجوا ان يعملوا بهذا النفس ان ارادوا اصلاحا ، فلا مصلح لحالهم اليوم ، غير أنفسهم ، وان لا يركنوا على اي ادارة تحرير منتفعة او ضعيفة او مهادنة ، فاليوم هم امام تحدي مصيري .. فالكرة في مرمى صحفيي الرأي وزملائهم في الصحف الأخرى .. فرئيس التحرير الذي يهاب نقد الحكومة يجب ان يلاقي مصير الاخرين .. فحكومة لا تأبه بكم لا تستحق الدفاع عنها ...