كانت مفاجأة، لها وقعها الملكي الهاشمي، الراسخ في جذور العائلة الهاشمية السمحة، رسالة الملك عبدالله الثاني، في يوم عيد مولده البهي، وثيقة مهمة، عزيزة إلى الأمة.
فكر ورؤية تحلل الظروف والأبعاد المحلية والعربية والدولية، والأممية، ذلك أن ملك الأردن، يقف بعزم وصوت قوي، مؤمنا باستشراف ممكن واستراتيجية، يحملان وينقلان الأردن، والبلاد العربية والعالم نحو التغيير والإصلاح الذاتي، التشريعي القائم على مقدرات تمكين الأجيال في مسيرة البناء والتنمية المستدامة.
في بهجة الرؤية الهاشمية، وكعادة الملوك الهواشم الأصيلة السامية، جاد النطق السامي، خط بمداد من حبر الأرض والأمة والشعب؛ صنو الملك الأب والأخ والقائد، فقاد الخطاب، لؤلؤ الشعب الأردني الطيب، الغني بمأثر الوطن: أنتم مصدر العزيمة ومنبع الأمل وخدمتكم هي غايتي التي نذرت كل حياتي لها.
.. بيان، وثيقة، رسالة محورية، فيها منطق جيوسياسية العالم الذي يحيط بنا، لننطلق من مقدراتنا، سواء في الأردن أو أي بلد عربي، يؤمن بالمحبة والتنمية والجمال وتجاوز الأزمات.
رؤية ملكية، ناظمة، مؤثرة تعلى ميثاق العزم وتعلي مسيرة العمل، فهي رسالة في عهد ميمون لقوة الملك، الذي يدخل عقده السابع، مبتسما، مؤمنا بأننا معا، ودائما، يثق بما وصل الشعب من عطر الرسالة الهاشمية التي مدت اليد، وأحكمت البناء والتنمية، بنت جيوش الأردن، الجيش العربي الأردني المصطفوي، جيش الإعلام والصحافة الوطنية التي جايلت العمر الملكي المديد، وجيش الصحة الأبيض، يدًا بيد مع الملك نحو أرقى خدمات الصحة في المنطقة، وجيش التعليم والتربية والتنمية، عدا عن جيش العمل والإبداع الثقافي، ولعل أهم جيوش دولتنا، جيش الضمان الاجتماعي، وصندوق استثمار أموال الضمان،.. وأهم ذلك، جيش الأمن والأمان، الذي تحميه الأجهزة الأمنية بكل إخلاص وحرص أردني وطني وقومي وباحتراف عالمي وأممي.
يبسط، سبط الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، تلك الرؤية الهاشمية، التي تحكي قصة المملكة التي نذر لها الملوك الهواشم حكمتهم ونبل مقاصدهم، وعندما يكتب الملك، عن ملامح مستقبل الأردن في إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات يشارك فيها الجميع، فهو، صاحب العيد، والجندي الحبيب، فيبشر شبابنا، وشاباتنا، وكل أم وإمرأة أردنية ، بما في قلب وعقل الملك من قوة، سندها مخبور معلوم: "طموحي لهذا الحمى الشامخ ليس له حدود".
.. في العيد، مع طلة الملك الوصي والمحامي لمقدسات الأمة، أوقاف القدس والحرم القدسي، كما هو الحريص على تلال المحبة في قمم عمان، ينظر الملك، يستعيد سنوات الملك، والعرش، يرى الرجال الرجال من نشامى، باتت يدهم مجبولة بطين الأرض، وقدح السلاح، وأنفاس ودعوات الأمهات الماجدات اللواتي نذرن أفئدة، شهداء للوطن والدولة الأردنية وللثرى الهاشمي الحر الجميل.
ماذا في رسالة سيد العيد، لحظة النظر إلى مواسم وجود ومصداقية والتفاف الشعب الأردني مع الملك..؟.
.. وأيضا، مع نقوش التجديد والمعاصر للدولة الأردنية التي تحتكم قيمها وعملها واستشراف مستقبلها للدستور الأردني "الفرق العلم"، عندما نتأمل به، نعدل وفي المقتضى الدستوري ووفق إرادة حامي التاج والدستور وقائد الجيش والشعب، فتكون لحظات التغيير، أحكامها، قدرتها إخلاص مجلس الأمة لكل التعديلات التي تنير مزيدا من بهاء وقوة ومستقبل الأردن.
.. يصنع الفرق، الملك عبدالله الثاني، ناظرا، مستعينا بأن إرادتنا من إرادته الهاشمية، التي لا تعرف المستحيل، فيضع سلاسل ومصفوفات المراجعة الملكية الوطنية وفق:
*السلسلة الأولى:
.. اعتراف أنيق، حريص، يعزز الإصلاح، وفق سلسلة قال جلالته: تباطأت المسيرة، لكنها لم تتوقف وكلي فخر واعتزاز بما أنجزه الأردنيون.
*السلسلة الثانية:
.. ينبهنا الملك، أن ثقافتنا بحاجة إلى تعزيز، وبالذات إذا أردنا أن ندخل المستقبل بكل تحولاته: نريد مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم وننهض فيه باقتصادنا وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته ويزدهر فيه قطاعنا الخاص.
*السلسلة الثالثة:
يحرص الملك على ديمومة تلك الرؤى والتوجهات الإنسانية: وجهت الحكومة إلى وضع الخطط والبرامج لدعم قطاعات السياحة والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة.
*السلسلة الرابعة:
إعادة النطق السامي بمحددات، عرفها الملك بالرسالة السامية: يجب أن نقوم بكل ما هو ممكن لتطوير القطاع الطبي، ليعود الأردن وجهة رئيسة للسياحة العلاجية في منطقتنا.
*السلسلة الخامسة:
يحيل جلالته هذه السلسلة إلى ذلك التعزيز الذى نادى وحتم: على الحكومات أن تعمل بشفافية وتوضح آليات عملها بصراحة ومسئولية تبدد الإشاعات الهدامة بالحقائق المقنعة.
*السلسلة السادسة:
يقف الملك، في وسط الأزمات وتداعياتها، يحللها داعيا الدولة والشعب والمؤسسات إلى استيعاب: لن نجد الحلول إن بقينا في دوامة لوم وتشكيك وتغييب للحقائق والمنطق والعقلانية.
*السلسلة السابعة:
.. "لا مكان بيننا لمسئول يهاب، اتخاذ القرار"؛ ذلك أن الرؤية الملكية في النطق السامي ومرجعيتنا الفكرية في أوراق الملك النقاشية، تضعنا وفق ما يريد القائد الأعلى: السير بثقة وقوة لإحداث: التغيير الإيجابي أو يتحصن وراء البيروقراطية.
*السلسلة الثامنة: وقوف الملك، بتوجيه معزز، تنموي، جاد، قال فيه: وجهت ديواننا الملكي الهاشمي للبدء بتنظيم ورشة عمل وطنية بالتعاون مع الحكومة تجمع ممثلين من القطاعات الاقتصادية لوضع خارطة طريق مُحكمة للسنوات المقبلة.
*السلسلة التاسعة:
.. ومن وسط زهوة وألق الـ60 عاما من العمل الهاشمي الممتد بالهدى والنور والرضا، فقد أعاد جلالته، كفل رؤيته الملكية الهاشمية التبعية، فقال: العمل جار على وضع آلية تكفل المتابعة الحثيثة لتنفيذ الرؤية الشاملة في كل القطاعات وستخضع هذه الآلية لمتابعة شخصية مني.
.. إننا نقرأ مع كلمات الملك، تلك الثقافة الأردنية، جذورها الفلسفية الغنية بالمحبة والايمان، ملك يزهو بالعمر الأجمل، الأرقى، فيزداد تمسكا بالشعب، يقدم لهم سلاسل للفكر والثقافة والإعلام الوطني، والعودة الجادة للاقتصاد والتعافي من جائحة كورونا، وجوائح التطرف وأشكال الجماعات الإرهابية، فقد عاش الأردن، دولة آمنة، ترفل بموئل من قوة الجيش العربي، وصبر الملك الحكيم.
.. وأنا الحكمة، فقد جادلها وغمرها بالتنوير والرسالة وضمان حفظ وحماية الدستور والأرض وقدرات الشعب: أننا في الأردن نبدأ العام الأول في المئوية الثانية من عمر دولتنا، مصممين على البناء على ما أنجزه الآباء والأجداد، لنكمل مسيرة التطوير، ونتجاوز ما نواجه من تحديات، بعزم لا يلين، وبإرادة صلبة، وبتخطيط مؤسسي سليم، وبرؤية واضحة.
.. لنزرع الأزاهير، نمد في الثقافة ونعلم أطفالنا، أن الملك قال لنا ذات شتاء: "أقف على عتبة الستين من عمري، وبلدنا الحبيب يبدأ قرنا جديدا من عمره، تحضرني رسالة الهاشميين التي نذرت نفسي من أجلها، جنديا من جنود الجيش العربي، ومواطنا أردنيا يؤمن بهذا الوطن، وهي خدمة الأردن الغالي وشعبه العظيم".
.. طريقنا، سيدي معك وبك.. ولن نخاف ظلام الليل، فهو سياج الحب، ودرب العامل، والصحف، والجندي، والمثقف الشاعر، ابن الأرض الذي غنى:
برجـاس يا قاضي الهوى برجاس..
حنا فدا له ورافعين الراس
ورجــالنــا عـاداتـهــا كـيـد الـعـدا..
و سـيوفنـا ضرباتها بالراس
من يـومنـا وحنـا حمـاة ديارنــا..
سياج ساحتنـا وعز جوارنــا
وافعالنـا في الكـون تروي اخبارنا..
وتذكر الغفلان كنو ناسي.
.. يقدمها، سلاسل هاشمية، كأنها سنابل، في كل سنبلة حبات الخير، وفوقها ابتسامة ملك يحاور الحب بالجمال.
.. إنها وثيقة مهمة، منطلق لسيرورة أردنية في إطار ها الاجتماعي والسياسي والثقافي والتنموي.. وهذا نادر في ظل أزمات المنطقة والعالم.