منذ التاسع من الشهر الجاري، خاض جلالة الملك عبدالله الثاني اجتماعات ولقاءات ومؤتمرات موسعة في نيويورك، كان أبرزها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، وعدد من القيادات السياسية والإعلامية والاقتصادية، في موسم سياسي بامتياز، قبيل انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة 76، التي تأتي في ظل تداعيات سياسية وصحية واقتصادية وأزمات وحروب تجتاح دول المنطقة والعالم في كل القارات!
سنويا يحرص الملك عبدالله الثاني، وسمو الأمير الحسين بن عبدالله، ولي العهد، على التّماس مع قضايا العالم في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، واجتماعات مجلس الأمن، واللجان المتخصصة الأممية التي تعمل بشكل دائم بتكليف من الأمين العام ورؤساء منظمات الأمم المتحدة.
قبيل عقد المناقشة العامة في المدة من 21 إلى 27 أيلول 2021، يكون الملك عبدالله الثاني، أنجز عديد اللقاءات السياسية والفنية المتعلقة بقضايا المنطقة والشرق الأوسط، مبديا الاهتمام الموسع بقضية فلسطين المحتلة، وقد تباحث جلالته مع أقطاب دولية ونخب وكيانات سياسية عربية ودولية، وكان أبرزها لقاء جلالته مع الأمين العام.
تهتم قيادات ورؤساء الجمعية العمومية ومجلس الأمن، والنخب السياسية العربية والعالمية، من سياسيين ورجال أعمال وقوى إبداعية وثقافية، وصناع قرار، بالحضور البهي الذي يحمله الملك عبدالله الثاني، وينثر شذاه في دنيا من الحياة الدبلوماسية والسياسية، معلنا ما تحقق في عهد جلالته من تنمية مستدامة في بنية وكيان وحاضر ومستقبل الدولة الأردنية التي دخلت مئويتها الثانية، نموذجا أردنيا للقيادة الهاشمية في التنمية وتحدي الأزمات، بما رافق ذلك من الأزمات والحروب والتداعيات الصحية والاقتصادية.
يتعلم قادة المنطقة والعالم من فكر وشخصية الملك قوة تحدي المستحيل، ويتعرفون بمعيته على خلاصة نظرة جلالته في خلق فرص النجاح والتعافي ونبذ أي مستحيل وتذليل الصعوبات، وفق منهجية إرادة المستحيل، بإدارة أزمات عبر قيادة حكيمة، قوية تساندها المعرفة والحوار ومخاطبة العالم بالمنطق واستشراف المستقبل.
وفي الحضور السياسي والدبلوماسي الدولي والاممي، يترأس جلالته الوفد الأردني المشارك في اجتماعات الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في ذروة الاجتماعات لحضور التسجيل الرقمي، لـ"خطاب الملك الهاشمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة»، الذي يطلق إلى العالم غدا الأربعاء، ذلك أن الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات المعنية، وضعت بروتوكولا صحيا يتيح تسجيل كلمات الملوك والقادة وزعماء الدول الأعضاء، حماية من تفشي فيروس كورونا.
في التقاليد والاعراف العالمية، وكما في موروث الأسرة الهاشمية، فقد أخذ الملك مكانته من حرص عميق بتفعيل لغة الحوار والتنمية واستشراف المستقبل، مع دول العالم، والجوار، ما يؤكد أهمية فهم دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تحريك عملية التنمية والأمن والسلام.
الأمين العام للأمم المتحدة شخصية دبلوماسية فذة، يحب فكر الملك عبدالله الثاني، فأشاد أمام اعلام وقوى العالم بجلالته وبدوره في دعم جهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وبذات الحوار والوعي أكد الملك أهمية دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تحريك عملية السلام، وركز جلالته على إعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبما يفضي إلى تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد جلالته على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه اللاجئين والدول المستضيفة لهم خاصة اللاجئين الفلسطينيين، لتخفيف الأعباء الاقتصادية عليهم وتمكين تلك الدول من الاستمرار بتقديم الخدمات الأساسية لهم، لافتاً إلى أهمية مواصلة الجهود لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».
وقف جلالة الملك في نيويورك، قويا، مستندا إلى وعي شعبي أردني وعربي وإسلامي، أصيل داعم لرؤية هاشمية تعلي من الحق العربي الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، شرعية، محمية بإرادة الشعب الفلسطيني، الباحث عن الأمن والسلام، بعيدا عن عنجهية إسرائيل، دولة الاحتلال المتطرفة، التي تقدم، بالتوازي مع اجتماعات الأمم المتحدة، تحديات استفزازية متواصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على خلاف المتوقع من الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي تجلب عالميا وبإرادة من الإدارة الأميركية ورئيس الولايات المتحدة، إلى ساحة المفاوضات، بقوة ورعاية، سبق لجلالة الملك أن خاطب العالم لوضع ضمانات عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، والعربية الإسرائيلية، بعيدا عن التوتر والتشنج والقرارات المسبقة..
عمل الملك على حوار وفكر أصيل لتوصيل وتأكيد ودعم الوصاية الهاشمية النبيلة، التي حمت وأكدت حماية القدس ودعم أهالي القدس، ومنها قراها والحرم القدسي، على الصمود والتصدي لمحاولات التهويد، مثلما ثبتت الوصاية الهاشمية أهالي القدس وحراس بيت المقدس والمسجد الأقصى في أماكنهم، وزادت من الإعمار الهاشمي في الأوقاف المسيحية والإسلامية كافة.
الملك عبدالله الثاني، وهو يعود إلى أرض المملكة، من مهمة وطنية قومية، زيارة عمل سياسية، بين نيويورك وداخل أروقة الأمم المتحدة، يعلم ما في دوائر السياسة وصنع القرار في الولايات المتحدة، ويشير بذكاء إلى أنّها المرة الأولى التي تربط فيها «الإدارة الرئاسية الديمقراطية» بدعم من بايدن، ضرورة العودة إلى مفاوضات السلام وتأكيد الاتفاقيات والقرارات الأممية سعيا أردنيا فلسطينيا، عربيا لحلّ النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.
والعمل وفق مقدرات وآفاق أدوار الوصاية الهاشمية لحماية القدس ووضعها السياسي والإنساني والديني.
ننتظر بحرص، ووعي، واهتمام بث خطاب الملك الهاشمي أمام العالم، وهو خطاب ملكي، فكري، وثيقة إنسانية وحضارية، نابع من جهد أممي (بالدرجة الأولى)، وقراءة عربية إسلامية، دولية مشتركة، لبناء مداميك صلبة لجسور تعبر عليها الأجيال نحو المستقبل الآمن.
الملك سيدعو إلى إنشاء فرص مختلفة، فيها مواجهة للتحديات وتصل إلى الحوار والتبادل المعرفي والدبلوماسية والقانوني، لآليات، يتفق عليها بحيث تفرز تقدّما ملموساً في الاتجاهات السياسية كافة، بعيدا عن صراع الآلاف والمخاوف والجهل، كل ذلك يعمل بهدف يصل بنا نحو التوصّل إلى سلام وعودة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتالي جميع الدول المعنية.
نيويورك عاصمة للدبلوماسية الأممية، جلالة الملك يعي ذلك، ينبه العالم ويضع أمانة الحق الفلسطيني وحماية الأوقاف والمقدسات أمام هذا الاجتماع الحاسم الذي يخوض في قضايا أمنية وسياسية وبيئية كبرى، في وقت تشتعل دول كبرى بمؤشرات صعبة، تحتاج إلى جهود تفكك الخلافات والنزاعات، نحو بياض السلام والأمن والحقيقة والمستقبل.
ربما تختلف تصورات الأمم المتحدة، والعالم، بعدما أعلن مبعوث الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط الذي قال أمام مجلس الأمن الدولي، إنه بعد ثلاثة أشهر من التصعيد القاتل في العنف بين إسرائيل والنشطاء الفلسطينيين في قطاع غزة، فإن الوضع هناك ما زال متوترا.
"تور وينيسلاند» قال للسفراء إن التوترات على طول السياج الحدودي لغزة وصلت إلى ذروتها عندما شارك مئات الفلسطينيين في مسيرة، وكيف أطلقت القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين الفلسطينيين، ما أدى إلى إصابة 51 فلسطينيا، من بينهم 25 طفلا. وأكد وينيسلاند مجددا أنه لا ينبغي أبدا استهداف الأطفال، ودعا جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس وتجنب الاستفزازات عند السياج وإبقاء الاحتجاجات سلمية.
لنرفع علم الأردن البهي، ولننثر الازهار والورود، في كل مرافق الحياة إبان خطاب جلالته، فقد قال أمين عام الأمم المتحدة إنه يترقب رؤية جلالة الملك، عبر التسجيل والنطق السامي.
سنستقبل خطاب جلالته، نرنو إلى النور الهاشمي، ولنحمل «وردة وعلم»، لنحتفي مع جلالته وهو يحقق المزيد من التفاؤل والأمل.