في قمة منظورة، يلتقي اليوم في موسكو الملك الهاشمي عبدالله الثاني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في قمة أشاد بها الكرملين، لافتا إلى أن جلالته، يزور روسيا حاملاً ملفات مهمة، بينها، إضافة للعلاقات الثنائية المشتركة، أوضاع سوريا ولبنان، العراق، والقضية الفلسطينية في مباحثات الوضع النهائي، عدا عما أصاب المنطقة، والعالم جراء جائحة كورونا.
يتجه الملك عبدالله الثاني للقاء الرئيس بوتين حاملاً رؤية هاشمية، ذكية، بما في ذلك ملفات وأحوال البلاد العربية والإسلامية، ملفات مهمة، غالبا ما نجحت الرؤية الملكية في التعامل معها والحوار حولها وتحدي إشكالياتها سياسيا وانسانيا واقتصاديا. القمة، مبادرة أردنية-روسية، تنشد مناقشة دور ونفوذ المنطقة ودول الشرق النامي سياسيا واقتصاديا وأمنيا وأمميا، المتصاعد على الساحة العالمية، بما في الآفاق الدولية من حوارات عن تسوية قضية الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية وبناء أسس التعاون في بلدان «الأوراسي الكبير»، ومآلات التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري، في منطقة آسيا والمحيط الهادىء، وشمال أفريقيا.
وهي-في توقيتها اليوم- قمة مؤثرة مرحليا (...) بهدف استشراف المستقبل، الذي يلقي الأضواء على توجهات السياسة الخارجية الروسية واهتمام موسكو بالتعاون مع دول الشرق الأوسط، باعتبارها من محاور القوة والاقتصاد، لتشابك مصالح الدول العظمى، بما في ذلك رؤى وسياسات العالم الكبرى للأحوال في العالم والمنطقة.
من أبعاد القمة أردنيا، ودوليا: أنها تأتي بعد القمة الناجحة والمهمة التي حققها الملك مع الرئيس الأميركي جو بايدن-كأول زعيم عربي يلتقيه بايدن في واشنطن- حيث ناقش جلالته عدّة مشاريع اقليمية وعربية ودولية، وقدم رؤيته الهاشمية الأردنية العربية من أجل الحل في سوريا، والقضية الفلسطينية والوضع النهائي للقدس، عاصمة للدولة الفلسطينية، وحق الأردن، وجلالته، في الرعاية الهاشمية على القدس والحرم القدسي الشريف وكل الأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس.
هناك توافق أردني- روسي على تداعيات الحل السياسي للأزمة السورية، وبذات الوعي والحوار مع بقية القضايا والنزاعات الساخنة، وبالتالي فإن «الأردن يسعى لتقديم الحلول للأزمة السورية بالتعاون مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي لعودة سوريا إلى الحضن العربي».
مشروع الملك عبدالله الثاني حول سوريا رؤية هاشمية حضارية، يتحدث عن تخفيف العقوبات على النظام السوري وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، في الوقت الذي يجري التنسيق بين الأردن وروسيا لضمان عودة سوريا إلى محيطها العربي وتخفيف الدور الإيراني، حيث ستلعب المملكة دوراً بإزالة العوائق العربية والإسلامية والأممية، التي تتم كشفها، لاستدراك أثرها في الحل.
ويتفق الرئيس بوتين مع هذه الرؤية الملكية، معربا عن أمله في أن تشارك الدول الأوروبية في تقديم المساعدة للشعب السوري، مع أولوية الدعم الإنساني لسوريا، فيقول بوتين: «إننا نولي أهمية كبيرة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2585، الذي تمت الموافقة عليه في تموز بشأن المساعدة الإنسانية الشاملة لسوريا، وهذا إلى حد كبير نتيجة الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال القمة الروسية الأميركية» في جنيف.
لم تنقطع روابط الحوار الأردني-الروسي، فقد حرص الملك على التواصل المستمر فآخر لقاء بين الزعيمين كان في تشرين أول 2019 بمدينة سوتشي الروسية، وفي 11 تموز 2020 أجريا اتصالا هاتفيا بحثا فيه توحيد الجهود لمكافحة جائحة فيروس كورونا وملفي سوريا وليبيا، والقضايا الدولية بعد تداعيات الوباء.
العلاقة الأردنية الروسية، تقترب من ستة عقود، وتعززت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني على جميع المستويات. وأكسبها زخماً وقوة ومصداقية، أسهمت في تطوير التعاون وتنسيق الجهود للتوصل إلى حلول سياسية للنزاعات في المنطقة تقوم على مبادىء السلام والأمن والتنمية، وحقوق الإنسان والتبادلات الاقتصادية.
المملكة وروسيا، مسارات مهدت لعلاقة تاريخية قائمة على الشراكة الاستراتيجية، بكل مجالات العمل الدولي.
الأردن يعزز ثقله في الحوار البناء مع الجانب الروسي، استنادا لأهمية الدور الذي تقوم به روسيا في إرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة والمساهمة في إيجاد الحلول السلمية لمشاكلها.
وهي ثقة رحّب الأردن، بدور روسيا الإيجابي والفاعل في قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فقد أكدت روسيا في أكثر من مناسبة وتحت مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أنّ حلّ القضية الفلسطينية يجب أن يقوم على أسس الشرعية الدولية ومبادئها.
ولتطوير التعاون بين البلدين في المجالات الثقافية والدينية والسياحية، أهدى جلالة الملك روسيا قطعة أرض قرب منطقة المغطس، شُيّدت عليها كنيسة أسهمت في زيادة أعداد الحجاج المسيحيين لهذا الموقع الديني التاريخي.
القمة الأردنية-الروسية أكبر من زيارة عمل، فهي مرحلة حاسمة، فالعلاقات الأردنية الروسية قوية وراسخة لإيمان قيادتي البلدين بأهمية هذه العلاقات واستراتيجيتها بوصفها ضمانةً لترسيخ قواعد الأمن والتنمية والاستقرار في المنطقة.
إلى ذلك، وفي تزامن يسبق القمة الأردنية–الروسية، أقر الرئيس بوتين بأن سقوط معظم أراضي أفغانستان في قبضة حركة «طالبان» أمر واقع، مشددا على أهمية منع تفكك الدولة الأفغانية وتفادي أي تدخل أجنبي، إنه أمر واقع ويجب أن ننطلق منه مع عدم السماح طبعا بتفكك الدولة الأفغانية،حديث العالم في هذه الساعة.
في آخر قمة جمعت عبدالله الثاني وبوتين، في سوتشي الروسية، عام 2019، ركزت على علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وآخر التطورات الإقليمية والدولية، وتوسيع التعاون الثنائي في المجالات كافة، خصوصا الاقتصادية والدفاعية منها، وعلى بذل الجهود لزيادة التبادل التجاري وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الزراعة والسياحة الدينية والتبادل الطلابي، إضافة إلى التعاون في المجالات الدفاعية.
يشيد جلالة الملك بالعلاقات الثنائية، التي تمتد إلى أكثر من 50 عاما، وكذلك «علاقتنا الشخصية تمتد إلى حوالي 20 عاما»، مؤكدا جلالته أن هذه العلاقة مبنية على الصراحة والروابط الأخوية بين بلدينا التي نعتز بها.
ويلفت الملك إلى أهمية دور روسيا في المنطقة، وإلى أنه دون ذلك الدور في عملية السلام أو في سوريا وغيرها لما كانت هناك فرصة لإحراز التقدم وبما يدعم المواقف الروسية الداعمة للأردن وعلى إصرار الرئيس بوتين نهج العقلانية في التعامل مع منطقتنا»، وتأكيده أن الأردن كان دائما بالنسبة لروسيا شريكا مهما في منطقة الشرق الأوسط.
إلى ذلك، توقعت أوساط سياسية ودبلوماسية، أهمية مباحثات جلالة الملك والرئيس بوتين، التي تتوج إطار الفهم والتعاون المشترك لمواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك والتأكيد على المصالح الأردنية، والعربية والدولية وحرص الأردن وروسيا على بحث القضايا الإقليمية وضرورة تكثيف الجهود من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة،وبالذات فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، وتبيان الرؤية الهاشمية الاردنية، ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
ويولي الملك، أردنيا وعربيا وأمميا أهمية الدور الروسي بقيادة الرئيس بوتين في إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.
كما أن الرئيس بوتين، يعزز من أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، وأهمية الاجتماعات المشتركة التي عقدت وتعقد باستمرار بين الجانبين، لما لها من أثر إيجابي على تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاممية والامنية.
قمة عبدالله الثاني وبوتين، تجنح بقوة وإرادة سياسية واعية، حول قضايا الشرق الأوسط في سوريا ولبنان والعراق ومصر وفي الخليج العربي والوضع الدولي بشكل عام، بما في ذلك مكافحة الاٍرهاب، ودور روسيا مع دول العالم المحوري في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، في ظل تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية فرضتها جائحة كورونا، ما جعل قضايا العالم حساسة ومتباينة الرؤى، تحتاج إلى التعاون الدولي في المجالات كافة.
العالم يترقب نتائج مهمة من زيارة الملك عبدالله الثاني إلى موسكو ولقائه الرئيس بوتين، تشمل العلاقات المتميزة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، والسياحة، عدا عن قضايا المنازعات السياسية والأمنية المسلحة في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون العسكري.
طرح الرؤية الهاشمية للدولة الأردنية، ولجلالة الملك، أولوية القمة بالنسبة للدور الأردني العربي والإسلامي والاممي، وتقديرا لفكر جلالة الملك، الذي يحمل تصورات حضارية وسياسية وأمنية عن المنطقة العربية والإسلامية للسلام والاستقرار في العالم والشرق الأوسط، بما في ذلك الاهتمام المتبادل لقرارات وخطط واتفاقيات المنظمات والمؤسسات الدولية كجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الافريقي، والمجموعة الاوروبية.
قمة، تضع الملك الهاشمي، في بؤرة عين العالم، تقديرا للأردن في محيط واسع التحديات والأزمات والقضايا واسعة الطيف، غني بالاتفاق والطموحات والتحديات.