التكييف القانوني لفعلة سائق البريوس

mainThumb

21-08-2021 08:23 PM

د. محمد حسني معابرة

في الآونة الأخيرة شهد المجتمع الأردني أفعال ومسلكيات صادمة لكونها تخرج عن عاداتنا وقيمنا في المجتمع الأردني، والأغرب من ذلك أنها كانت أفعال صادرة من بعض أبناء مجتمعنا الأردني المحافظ "نوعاً ما"، ومنها: ما عرف بفيدو "اللانسر"، وفيديو "حفلة المزرعة" وفيديو"العروس"، وآخرها فيدو انتشر مساء الجمعة ٢٠/٨/٢٠٢١ وعرف بفيديو "سائق البريوس".

وأما من منظور القانون، فإن تلك الأفعال الظاهرة بالفيديو -وهنا اتكلم عن الفيديو الأخير- فهي بلا شك أفعال منافية للحياء وتخرج عن نطاق الحرية الشخصية، والأهم من ذلك أنها أفعال تشكل جرائم يعاقب عليها القانون الأردني، وبهذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن قوانين أكثر الدول انفتاحاً وتحرراً وإطلاقاً للحريات الشخصية تعاقب أيضاً على مثل تلك الأفعال إذا ما ارتكبت في مكان عام.

وبحسب قانون العقوبات الأردني فإن فعل سائق "البريوس" يشكل جريمة (فعل فاضح علني) وهي (جنحة)، حيث نجد نص المادة (٣٢٠) تعاقب كل من يتعرض للآداب العامة على النحو الآتي:
 "1- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة مقدارها مائتا دينار كل من فعل فعلا منافيا للحياء او ابدى اشارة منافية للحياء في مكان عام او في مجتمع عام او بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه. 2- تضاعف العقوبة اذا اقترف الفعل المنصوص عليه في الفقرة (1) من هذه المادة من اكثر من شخص أو في حالة التكرار".

وعليه فإن عقوبة" سائق البريوس" لن تتجاوز الحبس لمدة سنة بالإضافة إلى غرامة محددة ب ٢٠٠ دينار، وهنا نقف، حيث أن هذه العقوبة - من وجهة نظرنا- لم تعد رادعة، خاصة مع شيوع ارتكاب الأفراد لمثل تلك الأفعال.

وبهذا الصدد قد يتسائل البعض عن حكم القانون في شخص ارتكب ذات الفعل ولكن في منزله، وهنا نؤكد على أن القانون احترم خصوصية منزلك وترك لك الحرية الشخصية في ممارسة مثل تلك الأفعال في منزلك بشرط أن لا تكون مكشوفة على مكان عام، فلو أن شخص قام بذات الفعل على شرفة منزله أو من غرفته وأمام نافذته وكان بالإمكان للعامة رؤيته فإنه بهذه الحالة يكون أيضاً مرتكب لفعل فاضح علني، فالعبرة ليست بمكان ارتكاب السلوك المنافي للحياء وإنما بمدى إمكانية رؤيته من قبل العامة.

أما عن مفهوم الفعل المنافي للحياء العام، فما هو السلوك المنافي وما هو السلوك غير المنافي للحياء العام؟

في الحقيقة نجد القانون الأردني لا يضع ضابط أو معيار لتحديد الفعل المنافي والفعل غير المنافي للحياء العام، بل يترك الأمر لسلطة قاضي الموضوع التقديرية، حيث أنه أمر يخضع لعادات الدولة ومجتمعها، فما يعد فعلاً عادياً وحرية شخصية في دولة أوروبية قد يكون منافياً للحياء في الأردن، لابل وأدق من ذلك قد يختلف الأمر من مدينة إلى أخرى في الدولة الواحدة، فما كان منافياً للحياء في مدينة "معان" وبحسب عادات أهلها ومجتمعها، قد لا يكون كذلك في مدينة "عمان"، والعكس بالعكس صحيح.

وعليه فإننا نتمنى أن يوقع القضاء الأردني العادل أشد العقوبات بحق ذلك الشاب الذي خرق كل معايير الحياء العام في دولتنا العربية الأصيلة بتقاليدها وعاداتها المجتمعية المنضبطة والمحتشمة والمستمدة من الديانات السماوية (المسيحية والإسلامية).


الحقوقي، محمد حسني معابره،
عضو هيئة تدريس في كلية القانون، جامعة اليرموك.

باحث في معهد القانون المقارن، جامعة السوربون (باريس الأولى).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد