يقوم الإنسان بشكل عام منذ أن وجد على وجه المعمورة وخاصة بعد ارتباطه بالأرض واستقراره فيها مشكلا تجمعات سكانية تتشارك في ما بينها بقواسم ثقافية، عرقية واجتماعية مشتركة. أدى هاذا التطور المجتمعي الى استقرار الإنسان وارتباطه بالأرض إلى البحث عن موارد اقتصادية تدعم بقائه مثل قطع الاشجار لغايات مختلفة منها التدفئة والطهي وبناء المساكن. لكن الأهم عند الإنسان في قطع الاشجار الحرجية كان توفير الأراضي الزراعية والمراعي الضرورية لرعي الماشية ومنطقة شوماديا في صربيا خير دليل على ذلك.
اعتداءات خطيرة غير منضبطة برزت في الألفية الأخيرة واستمرت على وتيرتها بل وبتسارع حتى اللحظة مع التقدم التقني الكبير للإنسان، على الثروات الحرجية للشعوب لأسباب تعود إلى دخول الأخشاب في صناعات مدنية مختلفة أو لأغراض توفير المساحات اللازمة للزراعة والرعي أو السكن أو احتياجات الحياة المدنية بشكل عام كما يحصل حاليا في كندا والبرازيل والهند الصينية واندونيسيا والفلبين وبابوا الشرقية واوروبا. ترتب على الأمر اعتداءات منظمة من جهات تعمل بالخفاء، فهم أما سياسيين متنفذين أو عصابات الجريمة المنظمة المرتبطة إلى بعيد مع سياسيين في الحكم أو عصابات فوضوية لا يهمها سوى الربح المباشر مثل ممتهني التفحيم لغاية التجارة.
على سبيل المثال منطقة عربية صحراوية فقيرة جدا بالغطاء النباتي والأشجار لكن هناك صنف معين من الاشجار لها القدرة على العيش في البيئة الجافة كتلك المنطقة. يقوم البعض من سكان المنطقة بقطع دوري لهذه الأشجار وتفحيمها لغرض الاتجار في بيئة هي في الأصل فقيرة جدا بالغطاء النباتي وعند سؤاله لماذا تقوم بهاذا الأمر يجيبك بأن هذه أرضنا ونحن احرار في ما نفعله رغم علمه بان هاذا السلوك له تبعات قانونية تعاقبه على هاذا الفعل. إذن هنا دخل علينا عنصر اخر في سياسة هدم الغابات والبيئة التي تأوينا وهو عدم وعي الناس بمضار ما يقومون به من ممارسات.
مثال آخر، دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية اللذي يفترض بها أن تتصرف بمسؤولية وتتكفل بالحفاظ على البيئة حتى في أوقات إنغماسها في حروب هي من إفتعلتها أصلا، مارست إبادة غابات كاملة في فيتنام أثناء حربها هناك وذلك برش هذه الغابات بالمواد الكيميائية في الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي. إسرائيل ورعاع مستوطنيها يوميا يقومون بقطع اشجار الزيتون العائدة ملكيتها للفلسطينيين على مرأى وسمع العالم أجمع بهدف التضييق وتقليص الموارد الإقتصادية الداعمة لبقاء الفلسطينيين في أرضهم دون أي رادع يذكر بل وهناك مؤشرات على دعم وقبول أمريكي - أوروبي لهذه السياسة الصهيونية.
لا شك أن الإنسان له دور كبير في تغيير البيئة الحاضنة له. بدلا من أن يحميها لأنها تطعمه وتسقيه وترعاه، يمارس كل ما يمكن ان يدمرها. غابات الزيتون التي احترقت في الجزائر كانت تطعم وترعي عشرات الآلاف من المواطنين، الأغنام والابقار والماشية بشكل عام التي نفقت في هذه الحرائق كانت تطعم وتغطي نفقات معيشة الآلاف من الأسر، ونفس الأمر يندرج على غابات النخيل. الأنواع الأخرى من الغابات التي تزودنا بالاوكسجين اللازم للحفاظ على بقائنا ووجودنا على هاذا الكوكب احترقت. الانبعاث المفرط لثاني أوكسيد الكربون جراء هذه الحرائق يزيد الطين بلة سيما والبشرية جمعاء تعاني حاليا من ارتفاع نسبته في الغلاف الجوي.
الأمر الخطير وهو ما لا يعرفه الكثير أن تعرية الأرض من غاباتها لأسباب مختلفة سواء كانت أفعال جرمية أو لأغراض توفير مساحات للزراعة والرعي أو للتفحيم كما لاحظت في إحدى مناطق تيزي اوزو في الجزائر هاذا اليوم قد يحفز المناطق التي تمت تعريتها من غطائها الحرجي إلى الإنزلاق عند هطول الأمطار أو الهزات الأرضية، تماما كما حصل في منطقة الخربة في ولاية ميلة الجزائرية في شهر أغسطس من العام الماضي جراء الزلزال الذي حفز منزلق الخربة هناك. سواء كانت أسباب الحرائق طبيعية أو مفتعله فالإنسان أينما وجد في امريكا أو الصين او مصر او العراق أو ألمانيا هو المسؤول الأول والاخير عن ذلك.