احدى المخاطر الواجب تسليط الضوء عليها هي الإنهيارات الأرضية (sinkholes). العوامل التي تلعب دورا رئيسيا في حدوث الإنهيارات الأرضية يمكن تلخيصها في: 1- التعدين الباطني غير السطحي، 2- تراجع مستوى المياه في البحيرات، 3- تراجع مستوى المياه الجوفية، 4- جفاف التربة الرخوة، 5- ذوبان الصخر الجيري، 6- تقلص وأكسدة الرواسب العضوية، 7- ذوبان القباب الملحية، 8- الضخ المستمر للمياة الجوفية والغاز والنفط يساهم في تغيير النظام البيئي الطبيعي أسفل السطح و 9- الزلازل تلعب دورا رئيسيا في رص التربة مما يتسبب إما في هبوط عام لمساحة واسعة من مناطق الرواسب الرخوة أو على شكل إنهيارات أرضية. الأشخاص اللذين يدركون المخاطر الطبيعية بشكل عام كالزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير في الغالب يكونون غير ملمين في موضوع الإنهيارات الأرضية وذلك نظرا لعدم تسليط الضوء عليها بالمعنى الكافي اعلاميا باستثناء بعض الحالات. الخسائر الإقتصادية للإنهيارات الأرضية ممكن أن تكون كبيرة بما يفاقم معاناة الدول الفقيرة.
الإنهيار ألأرضي (Sinkhole) في القدس الغربية قبل أيام في ساحة مستشفى صهيوني اللذي أدى إلى إبتلاع مركبات كانت تقف في الساحة وتخشى السلطات الصهيونية من إحتمال وجود أشخاص داخل هذه المركبات. هاذا الإنهيار إن صح أنه ناجم عن عوامل طبيعية تتعلق بإذابة الصخر الجيري يكون بذلك استمرارية لما يحدث في فلسطين من انهيارات أرضية مرتبطة بإذابة الصخر الجيري. هذه الظاهرة الطبيعية ليست جديدة على القدس بل كانت تحصل سابقا قبل الإحتلال الصهيوني وقبل قيام هاذا الكيان الصهيوني نفسه في عام 1948. في فلسطين هناك أيضا إنهيار أرضي تاريخي في قرية مادما في فلسطين الواقعة على مسافة 4 كيلومترات جنوب مدينة نابلس وبالقرب من بلدة حوارة وذلك على السفح الشمالي لجبل ومقام الصحابي الجليل سليمان الفارسي (مرفق صورة). هاذا الإنهيار قديم وعميق لكن لا بيانات دقيقة لدينا حول عمقه وتاريخ حدوثه. في ما يتعلق بالإنهيار الأرضي في القدس الغربية إذا ما صح أنه ناجما عن فجوات جيرية، كان لا بد من إجراء مسح جيوفيزيائي عميق مسبقا للكشف عن ما اذا كانت هناك فجوات بالصخر الجيري في المنطقة من عدمها.
من المعروف أن الصخر الجيري يذوب بفعل مياه الأمطار مع الوقت مشكلا مغر جيرية على شاكلة فجوات صخرية داخل الصخر الجيري تتفاوت في أحجامها. المغر الجيرية منتشرة بكثافة في تكوينات جبال الألب الجيرية وهناك أعداد كبيرة من المغر الجيرية متباينة في أحجامها نظرا لكثافة عوامل إذابة هذه الصخور بسبب من الرطوبة العالية وتستغل للسياحة. مثل هذه الإنهيارات تحدث عندنا في الأردن في منطقة حديثة باستمرار بسبب من تراجع مستوى سطح البحر الميت ويعود سبب حدوثها إلى إذابة الرواسب الملحية على أعماق (مرفق صورة لإنهيارات حديثة) بفعل الأمطار والسيول.
في عام 1988 حدث إنهيار أرضي في مدينة الظهر السكنية الكويتية الواقعة على مسافة 35 كيلومترا جنوب الكويت العاصمة سقطت فيه سيارة كانت متوقفة. عمق هاذا الإنهيار وصل ألى 32 مترا. عندما أجرينا دراسة جيوفيزيائية مستخدمين المسح الكهربائي (Geoelectrical Sounding and Profiling) تبين أن الصخر الجيري يتموضع على عمق 42 مترا تحت السطح تعلوه طبقة رملية غير متماسكة. بعد ذلك قمنا بعمل مقطع كهربائي (Geoelectrical profiling) على طول الشارع تبين أن هناك إمتداد للتجويف الصخري أسفل عدد من المنازل الأمر اللذي استدعى ترحيل السكان واسكانهم في مناطق أكثر أمنا وقمنا بابلاغ الهيئة العامة للإسكان في الكويت بمخاطر تتهدد عددا من المنازل. بعد هاذا الإنهيار بثلاثة إلى أربعة شهور من تاريخ اشعار السلطات الكويتية بمخاطر تتهدد هذه المنازل حدث انهيار أرضي داخل أحد المنازل التي كنا قد حددناها سابقا في دراستنا الأمر اللذي استدعى اجراء دراسة جيوفيزيائية موسعة مستخدمين المسح الجاذبي الدقيق لكامل المنطقة. الجيولوجيون الكويتيون أسروا لنا أيضا أن هناك دلائل في الكويت على إنهيار تاريخي كبير وعلى مساحة واسعة في منطقة بحرة على مسافة 40 كيلومترا شمالي مدينة الكويت العاصمة.
هذه الإنهيارات في غياب عوامل محفزة كالزلازل على سبيل المثال، تحدث عادة عندما تتوسع الفجوات الجيرية او الملحية كثيرا ويصبح سقفها رقيقا بالشكل اللذي لم يعد معه يتحمل ثقل الأتربة والمواد فوقه فيحدث الإنهيار، كما قد يصل قطر هذه الإنهيارات إلى عشرات الأمتار وأعماق كبيرة. الزلازل بشكل عام تلعب دورا رئيسيا في تحفيز مثل هذه الإنهيارات الأرضية.