تراجع الدور الأقليمي الأردني ٠٠ وخسارته لملفات كانت بحوزته قادت إلى خروجه من لاعب أساسي إلى كراسي الأحتياط
اذا حاولنا الان قراءة الأوراق السياسية الاردنية بعد الاحداث الاخيرة بالقدس وغزة ، فأن التقيم بالعين الفاحصة ينتهي إلى نتيجة مفادها أن الاردن عملياً فقد دوره الأقليمي وخسر أوراق كثيرة ومؤثرة كان يمتلكها .. ويستخدمها لأقامة نوع من التوازن داخل الأقليم اهمها اوراق الملف الفلسطيني
فعلى ما يبدو فأن مركز الثقل العربي أنتقل إلى بلدان مجاورة للاردن مُتخمة بالثروات ..حازت وامتلكت معظم ملفات المنطقة
فمصر تولت عقد حوارات ونقاشات بين كل من حركة فتح وحماس ... وقطر أستضافت وأحتضنت قيادت حماس وقيادات فلسطينية أخرى
مما أفقد الاردن دوره التقليدي في الضفة الغربية التي تُمثل جزءاً من الأستقرار السياسي الأردني ...وأضعفه و خسره الملف الفلسطيني بأمتياز .. وهذا ما أكدته الاحداث الاخيرة التي ولدت انطباعاً بأننا فقدنا دورنا المحوري ولم يعد لنا تأثير يُذكر داخل العمق الفلسطيني
فقد تم الالتفاف على الاردن وتجريدُه من كافة الملفات التي كان يمتلكُها عبر أنتاج ادواراً أقليمية عربية جديدة... و اخرجته من لاعب أساسي إلى كراسي الأحتياط
فالتساؤلات كثيرة حول تراجع دور الأردن الأقليمي وما هي الأسباب التي ادت لتراجعه ولصالح من ؟
فالمشهد داخل الأقليم متحرك ويحمل الكثير من المفاجئات التي لا تسُر ... فالجغرافيا السياسية لم تتغير وحدها بالاقليم .. بل تغيرت معها انماط الفكر والسلوك السياسي العربي بدرجة غير مسبوقة
فالاردن الكبير والصغير والجديد هما جزء من خرائط متعددة أصدرتها مراكز ابحاث غربية وإسرائيلية هدفها اللعب بالديموغرافيا الأردنية وتصفية القضية الفلسطينية
ففكرة اعادة الجغرافيا السياسية للمنطقة العربية واعادة انتاج هويات جديدة هي فكرة صهيونية قديمة.... وأسرائيل لم تعد بحاجة إلى Buffer بل أصبحت بعد الهرولة العربية الغير مسبوقة باتجاهها بحاجة إلى جسر جغرافي سياسي أقتصادي يصلها بالمجال الحيوي العربي .. أي بمعنى التحول من Buffer State إلى Bridge state
وأي محاولة قادمة لاعادة انتاج دور اقليمي جديد للاردن سيكون في غاية الصعوبة .. فالمنطقة غارقة في الفوضى .. والاردن وبعد الاحداث الأخيرة بفلسطين سيكون أمام ملفات وأستحقاقات حافلة وحبلى بالمفاجئات .. لن يستطيع أحتمالها أو التعامل مع نتائجها
فما تشهده المنطقة زاد من حدة عدم استقرار البيئة السياسية المحيطة بالاردن .. وان اية تطورات دراماتيكية في الأقليم ستنعكس سلباً علينا .. والمطلوب التوقف كلياً عن الاعتماد على مصالح اللاعبين الخارجيين ..... فالاردن نجا سابقاً من سلسلة من الازمات بفضل تدخل قوى أقليمية ودولية تدخلت في الاوقات الحرجه لنجدته وعاش حالة أستقرار نسبي
فالخارطة الأقليمية الحالية معقدة جداً في ظل ضبابية السيناريوهات والرهانات الغير مضمونة
فالدور الأقليمي الاردني تعرض لضربات موجعة ومؤثرة من قبل الاخوة والاصدقاء بنفس الوقت ادى إلى انعزالُه و ممارسته دوراً دبلوماسيًا استشاريًا عنوانه النأي بالنفس خوفاً من معاكسة المتغيرات الأقليمية وارتداداتها الغير محتملة
علماً أن السياسة الاردنية قديماً كانت متوازنة ومتناغمة مع الادوار الاقليمية وباقل الكلف على الأستقرار الأمني والسياسي .. فكُنا نُمثلُ محوراً كبيراً ولاعباً أقليمياً محورياً .. ولطالما رسمنا سياسات كبرى .. وكان يُنظر للاردن بأنه أحد قادة الأعتدال وكانوا يشبهونه ببريطانيا في القرن الثامن والتاسع عشر عندما كانت تُمثل الدور المتوازن وتُرجح كفة من تميل له
فكل ذلك يحتم علينا ان نُجري تغيرات حقيقية في صيغة السياسات وان نعيد حساباتنا من جديد .. وان لا نعجز عن أكتشاف صيغ جديدة لتنظيم الخلافات فقد باتت ضرورة جيوسياسية
والسؤال مرة أخرى هل ستتراجع مساحة الدور الاقليمي الاردني مع الادارة الامريكية الجديدة ؟ فجلالة الملك حتى الان لم يلتقي الرئيس بايدن كما كان متوقعاً للتعرف عن توجهات ادارته تجاه دول المنطقة والتأثير فيها ... وتوجه الادارة ايضاً نحو الاردن وادواره الاقليمية في المرحلة القادمة .. فحجم المساعدات الامريكية مرتبط بقوة ومساحة هذا الدور .