اتناول اليوم مقالاً في غاية الاهمية فقد شغل تفكيري وأشغل الرأي العام الاردني ولا وجود لتفسير ماذا يحدث ولماذا الان تحديداً يجري ذلك ؟ ولماذا الأصرار على أغراق الدولة في مستنقع الديون ؟ وماذا تبقى من أصول وموجودات ثابتة للحكومة ؟ وهل هناك خطة ممنهجة لتصفية ما تبقى منها ؟ فالدين العام الاردني يفوق حجم اقتصاد الدولة وناتجها المحلي الأجمالي
فعلى خط موازٍ تؤكد المصادر أن الحكومة ستستكمل تصفية وبيع ما تبقى من أصول وموجودات وشركات وعقارات تمتلكها أو تُساهم بها بنسبة كبيرة ... فكما سمعت أن هناك نقاش حاد وبحث يقوده أحد الوزراء لتنفيذ ذلك استكمالاً لما تم سابقا والذي قاده أحد وزراء المالية والتخطيط قبل عشرون عاماً حين تخلت الدولة عن مصادر قوتها ومواردها الاقتصادية التي تُغذي موارنتها
فالأقتصاد الاردني وقتها قدم تنازلات خطيرة عن ايرادات الخزينة
وينظر إلى هذه العملية التي تُجرى حالياً على أنها موجة جديدة من عمليات بيع الموجودات والأصول التي تمتلكها الحكومة كجزء من خطة مُسبقة
فقبل أيام خاطب الرئيس الدكتور بشر الخصاونة شركة الأستثمارات الحكومية من اجل تصفية شركة المنشأت العقارية والتي تمتلك الحكومة فيها ما نسبته ٩١٪ وبنك الأسكان ٩٪ .... وشركة المنشأت تمتلك عمارة البرج المُقامة على ستتة دونمات وبها ٢٣ طابقاً .. وتمتلك ايضاً مجمع الشابصوغ وتُحقق أرباحاً لا بأس بها وموجوداتها النقدية بحدود ١٠ مليون دينار
والشركة الأخرى المطلوب تصفيتها هي الشركة السياحية التي تمتلك منتجع ماعين بنسبة ٩٥٪ من رأس مالها
فكما سمعت ان هناك نية لبيع أحدى المؤسسات الاعلامية والتي لها تاريخ يرتبط بكل اردني والتي ستُعهد لأحد المقربين من الحكومة للمضي بعملية التصفية والبيع
فالأتجاه العام لبيع أصول الدول تلجأ اليه الدول في حالة الفشل وعدم القدرة على زيادة الناتج المحلي الأجمالي
فالاردن ومنذ نشأته أختار طريق التطور الرأسمالي ( الأقتصاد الحر ) وفي تلك المرحلة المبكرة من عمر الدولة لم تكن لدينا مشاريع حيوية وانتاجية .. الأمر الذي جعل الدولة بأن تقوم وأن تُساهم في انشاء شركات ومؤسسات وبنوك وطنية بمشاركة القطاع الخاص
وكان معظمها متصل بالخدمات العامة والصناعات الغذائية والمعادن الأستخراجية وكان للدولة حينها حُصصٍ فاقت نسبة ال ٥١٪ وأحياناً دون ذلك
وكانت تدرُ على الخزينة دخلاً ثابتاً والأمثلة كثيرة كبنك الاسكان والقاهرة عمان وبنك الصادرات والتمويل والبتراء للنقل ... والدباغة الأردنية .. والأجواخ .. والصودا والكازوز .. والخزف الاردنية ومصانع رب البندورة .. والعربية الدولية للفنادق .. وفندق الأردن .. وحمامات ماعين والفوسفات والبوتاس وشركات الكهرباء
إلا أن حلت الكارثة في تسعينات القرن الماضي تنفيذا لاملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فقد تم بيع كُل تلك الأسهم بثمن بخس
وبعد ذلك تمت الفاجعة الكبرى فقد بيع ميناء العقبة بمبلغ ٧١٥ مليون دولار لشركة المعبر الدولية .. والمنطقة الجنوبية في العقبة
وشركة البوتاس التي بيعت لمستثمر كندي بمبلغ ١٢٦ مليون دينار .. والفوسفات ايضاً بيعت بمبلغ ٨٨ مليون دينار وتبقى الحكومة بها نسب قليلة لا تُذكر .... وتم بيع شركة الكهرباء الوطنية بمبلغ سخيف وهو ٥٢ مليون دينار لشركة دبي كابيتال وكأنها أعطية أو هدية .... وشركة الاتصالات التي بيعت ايضاً بنبلغد٥٠٨ مليون دينار
والخطوط الجوية الملكية التي تم تحويلها إلى شركة قابضة وتم فصل نشاط الطيران عن النشاطات الأخرى كالشحن والأسواق الحرة والتموين والصيانة حيث تم بيع كل واحدة على حده
فاللعب على حافة الهاوية والتحولات الأقتصادية الليبرالية وبيع أصول وموجودات الدولة وشركاتها الرابحة أدى إلى تراجع في الأدوار الحمائية والاجتماعية للدولة .. وأدى إلى أضعاف القطاع العام الحكومي كنتيجة لتغير أولويات الدولة أقتصادياً
فالبيع يقطع مسار التاريخ ويحول الأصول إلى مؤسسات وشركات ذات هوية أخرى لا نعرف ماهيتها
فقد يئسنا من مقولة الأصلاح العرجاء فبدلاً من بيع الأصول والموجودات لماذا لا يتم ايقاف ومعرفة مكامن الهدر والفساد
فقد كان لدى الدولة عقود من الزمن للانتقال من بنية تحتية ومؤسسات وشركات عامة مهترئة إلى دولة عصرية تملك مؤسسات تدرُ مليارات الدنانير سنوياً عليها
فأفتقاد الشفافية خلق سابقا وسيخلق حالياً مناخاً مثالياً لأنتشار الشائعات والتشكيك ويضع الحكومة ورئيسها في موضع الأتهام وعدم الثقة
والرأي القانوني يقول انه عند تصفية اية شركة أو مؤسسة فأن الشخصية الاعتبارية للشركة تكون قد أنقضت وفقدت كطرف متعاقد لأهلية التعاقد ... والسؤال ما هو مصير الموظفين بتلك الشركات هل سيلحق بهم ضيم ؟