انهيار جسر ومنصة جبل الجرمق في فلسطين المحتلة دليل قطعي على الجهل بعواقب ما قد ينجم عن الحركة المنتظمة للمحتفلين فوق سبان الجسر وفوق المنصة. ما شاهدته أنه كان هناك حركة منتظمة للمحتفلين على كل من الجسر والمنصة يذكرني بما حصل لأحد الجسور التاريخية النمساوية عندما عبر جنود نمساويون الجسر بحركة عسكرية منتظمة (مارش عسكري منتظم) مما تسبب في انهيار ذلك الجسر. سبب انهيار الجسر النمساوي كان بسبب تشكل ظاهرة الرنين في سبان الجسر الناجمة عن تناغم ذبذبة التردد السائد لحركة الجنود المنتظمة مع ذبذبة أو التردد الحر للجسر نفسه. هاذا الأمر حصل أيضا على جسر تكوما ناروس في واشنطن عام 1940 بعد قليل من افتتاحه لعبور المركبات حيث أدى ذلك إلى التسبب في اهتزاز سبان الجسر الأمر اللذي أدى إلى تناغم الاهتزازا السائد لسبان الجسر مع التردد السائد لأرضية الجسر مما تسبب في إنهيار الجسر.
إعادة بناء جسر تكوما ناروس عام 1950 تم على أسس جديدة آخذين بعين الاعتبار الخصائص الديناميكية لكل من الجسر وارضية قواعده. نفس الأمر تكرر عندنا في جسر الموجب عام 2000 لكن تم عندنا علاج الأمر بإضافة بيرينغات مطاطية تعمل على امتصاص الاهتزازات التي تتسبب بها المركبات وضعت بين الأعمدة الحاملة للجسر وسبان الجسر نفسه ومنذ ذلك الحين لم يتعرض الجسر لأية مشاكل الحمد لله. الحركة المتناغمة المنتظمة للمحتفلين على جسر ومنصة جبل الجرمق أدت إلى تناغم ذبذبة حركتهم السائدة مع الذبذبة الحرة لكل من الجسر والمنصة.
الدروس المستفادة من أثر الزلازل على مختلف المنشآت أشارت إلى علاقة وثيقة بين الخصائص الديناميكية أو الحركية لمختلف ألمنشآت والخصائص الديناميكية للقواعد الأرضية المقامة عليها هذه المنشآت. تبين أن المنشآت المكونة من دور إلى ثلاثة أدوار عرضة إلى دمار كبير عند حدوث الزلازل إذا ما كانت مبنية على قواعد صخرية صلبة نظرا للتقارب بين تردداتها العالية مع الترددات العالية للقواعد الصخرية الصلبة ويفضل بنائها على تربة قليلة الصلابة بسبب من تباعد التردد السائد لها عن التردد السائد للقاعدة الأرضية. العكس تماما في حالة المنشآت ذات الأدوار المتعددة القليلة التردد السائد إذ ينبغي أن تكون مبنية فوق قواعد صخرية صلبة التي تمتاز بأنها عالية التردد سيما وأن التردد السائد للأبراج العالية يكون قليل بينما التردد السائد للقواعد الأرضية المقام عليها الأبراج عاليا وبالتالي هناك تباعد في ما بين التردد السائد لكل من المنشأ والتردد السائد للقواعد الأرضية. ما نسعى إليه هو تلافي تقارب الترددات السائدة لكل من المنشآت وقواعدها الأرضية.
أمر آخر ينبغي الإشارة إليه، عند حدوث الزلزال يحدث ما نطلق عليه استطالة في إهتزاز المنشأ (Elongation). هذه الإستطالة تتسبب في انخفاض قيمة التردد السائد للمنشأ بما يجعل تردده يقترب من التردد السائد لأرضية المكان خاصة في حالة الابنية العالية المقامة فوق رواسب رخوة منقولة. لذا ينبغي تلافي ذلك في سياق الحد من المخاطر الزلزالية خصوصا في المناطق الممكن أن تتعرض لزلازل كبيرة. كذلك يجب الحد من تعدد مراكز الثقل في المنشآت لنواحي جمالية أو ما شابه ذلك أو إضافات على المبني هنا وهناك. تعدد مراكز الثقل في أي مبنى تؤدي عند حدوث الزلازل إلى سلوك مختلف لكل مركز ثقل عن مراكز الثقل الأخرى بما يتسبب في إهتزازات متباينة لكل مركز ثقل يختلف عن مراكز الثقل الآخرى الأمر الذي يشكل خطورة كبرى على المبنى نفسه. ما نسعى إليه أيضا في سياق الحد من مخاطر الزلازل أن يكون لكل منشأ أو مبنى مركز ثقل واحد فقط وأن يكون المبنى متناظرا في جميع مقاطعه الأفقية والجانبية والأمامية.