مَرّ عام كامل على موعد إعلان الحكومة الأردنية الحظر الشامل والإغلاق منذ تاريخ 17آذار2020 حيث حقق بعدها الأردن نجاحًا ملحوظًا في كبح تفشي الوباء، تجلى ذلك في أسابيع مرّت لم يتم فيها تسجيل أية إصابات.
كان التصور آنذاك وبحكم (الحالة المستجدة للوباء ونقص المعلومات العلمية عن طبيعة الفايروس) أن الإغلاق العام للقطاعات لمدة بضعة شهور ستكون كافية للخروج من الأزمة "العابرة" والنجاة بأقل الخسائر، حيث كانت الأرواح مقدمة على الاقتصاد.
بعد ذلك اتسع نطاق العدوى وطالت مدة تفشي الوباء وصار متحورًا في عدة طفرات جعلت من آمال الخروج من الجائحة أمرًا بعيد المنال.
كان الأردن من قبل الجائحة يعاني من مصاعب اقتصادية تتمثل بعجز الموازنة العامة بما يقارب 2 مليار دولار، ومديونية متفاقمة بحدود تجاوزت 40 مليار دولار، ونسبة تزيد عن 100% من الدخل القومي الإجمالي. ثم جاءت الجائحة مترافقةً مع إغلاق معظم القطاعات الاقتصادية لمدة تراوحت من عام كامل لبعض النشاطات إلى ثلث العام لقطاعات أخرى أقل تأثرًا بالوباء. كل هذا فاقم الأوضاع السلبية لينعكس على ارتفاع قياسي للبطالة في حدود 15% رسميًا وقد تكون أعلى من ذلك بكثير اليوم. مضافًا لذلك تمدد جيوب الفقر بعد قطع أرزاق عمال المياومة وتوقف مداخيل أصحاب المحلات والمتاجر الصغيرة والمشاريع المتوقفة بحكم أوامر الإغلاق. المصارف حققت تراجعًا في أرباحها في حدود 60% مقارنة بالعام 2019، واكتملت الرواية البائسة بمد يد الحكومة على الاقتراض من أموال (صندوق الضمان الاجتماعي) بما يقارب 9 مليار دولار، وهو الذي بات يتحول من مؤسسة تقاعد إلى صندوق استثمار سيادي تحت الطلب!
نحن على وشك إنهاء الربع الأول من العام 2021 وحملة التطعيم الوطني باللقاحات في بدايتها، وسط مخاوف وشائعات جعلت نسبة مهولة من الناس تحجم عن تلقي المطعوم بعد أن كان المطلب الشعبي نحو ضرورة توفير اللقاح للعامة من الحكومة!
بعد (حادثة مستشفى السلط) و نقص الأوكسجين الذي تسبب بوفاة 9 مرضى، خرجت مسيرات ليلية عفوية واسعة النطاق تندد بالحادثة، مما ضاعف الضغط الشعبي على الحكومة بضرورة تغيير نمط التعامل مع الملف الطبي والاقتصادي بشكلٍ متوازٍ ومتوازن ليحقق حالة حفظ المال والنفس معًا.
بعد عام من المقاربات والتفاعلات والتجارب مع الوباء، نجد أنفسنا من جديد أمام جملة من الخلاصات والملاحظات الآتية:
-الإجراء الأخير المتمثل بحظر يوم الجمعة والإغلاق عند الساعة السابعة مساءً لم يُجدِ نفعًا بدليل عدد الإصابات الحالي المتنامي.
-اللقاح هو الحل الوحيد الذي ثبت نجاعته في كبح أثر الوباء في تجارب مثبتة من العالم، وليس الحظر والإغلاق غير المدروس وغير المتوازن.
-هنالك عدد من العوامل ساهمت في تفشي الوباء منها : الانتخابات النيابية ومقراتها، والتزاحم على عروض تخفيضات الأسعار في المتاجر، وصرف الرواتب للموظفين بوقت متزامن، والتزاحم في ليلة الخميس قبل الحظر الأسبوعي، واستمرار تجمعات الأفراح وبيوت العزاء والاجتماعات الأسرية للعائلة الممتدة.
-مظاهر الحظر العام حاضرة بقوة في قصبة المدن الرئيسية، وتبدو أقل تطبيقًا في القرى والمخيمات والأحياء البعيدة عن مراكز المدن.
يُعتقد بأن استراتيجية الخروج الآمن (الوحيدة المعروفة والمتاحة حاليًا) من الأزمة هي التلقيح بالمطعوم لأوسع شريحة ممكنة من السكان، وتجاوز خرافات نظرية المؤامرة (شريحة بيل غيتس، وهيمنة روكفيلر، ومورثات المسوخ) والاستعجال في فتح القطاعات الاقتصادية التي أفلست رسميًا بعد إغلاق قارب العام.