قراءة في عبارات الملك

mainThumb

16-03-2021 12:40 PM

مساء الاثنين الموافق ١٥-٣-٢٠٢١ نشر الديوان الملكي العامر مقتطفات من حديث جلالة الملك عبد الله الثاني والذي تفضل به خلال ترؤس اجتماع مجلس السياسات الوطني والذي يبدو أنه انعقد على إثر حادثة مستشفى السلط المؤسفة.
 
وبتتبع عبارات جلالة الملك أتوقف معكم على النقاط الرئيسية الآتية مع التعليق على بعض الجمل الحساسة في حديثه:
 
قبل تحليل بعض من عبارات جلالته والتي تلفظ بها في خطابه، فإنني أود أولاً أن أشير إلى نظرة شمولية لخطاب جلالته، حيث يبدو واضحاً أن ثقة الملك بالشباب تبدو أكبر، حيث إن المتتبع لكلمات جلالته أو حتى نظراته سيعي تماماً أن جلالته قد فهم الأمور بشكل شمولي أكثر، وأن الصورة اتضحت أمامه حول مدى تردي أداء الجيل السابق، فتجده في خطاباته المتكررة يعول على الشباب في قيادة البلد في المئوية الثانية، حيث ختم الحديث بقوله: "هاي أقوى رسالة للجيل الجيد الي رح يستلموا المئوية الثانية ". اعتقد جازماَ أن جلالة الملك يعي حجم التقصير والترهل في الجهاز الإداري في الدولة، ويريد أن يضرب بيد من حديد كل من يساهم بتدمير مؤسسات الدولة بتقصيره وإهماله.
 
عبارات قوية جداً:
 
"كل مسؤول أو موظف، كبير أو صغير، لازم يكون قد المسؤولية أو يترك المجال للأردنيين إلى بدهم يخدموا الأردنيين من قلوبهم"

"بكفي الإهمال الي عم بنشوفه في كل مؤسساتنا (حكومية او قطاع خاص)، بدنا ناس يخافوا من الله ويشتغلوا من قلوبهم لمصلحة البلد والوطن "

" لمتى نحنا رح نتحمل الإهمال أو الفساد أو الأسلوب الي كلنا عارفين أنه غلط "

" المسؤول موجود حتى ينظف وزارته من السيء"

"الإهمال وصلنا للأسلوب الي نحنا عايشينه اليوم "

" بدنا نحاسب كل شخص كان مقصر مع الأردنيين "

"بكفي، خلص"
 
لا فُضَّ فوك سيدي، إن تلك العبارات قوية وتحمل الكثير من الرسائل، والإشارات الواضحة، فلم يعد مقبولا من المسؤول (لا الوزير ولا رئيس الجامعة ولا مدير الدائرة أو الهيئة) أن يتغاضى عن التقصير والإهمال والتقاعس بكل أشكاله، اليوم وبعد دخول الأردن في المئوية الثانية سنتجه إلى الجودة والإنتاج الحقيقي، نحن في عصر المهارات، لا في عصر الشهادات الزائفة، فلم يعد مقبولاً من موظف أن يجلس في مكتبه ويعتبر نفسه وكأنه في مملكته الخاصة، كل هذا لأنه من جيل كان يمجد الشهادة حتى اعتقد مجرد موظف صغير يحمل بكالوريوس أو توجيهي بأنه مستحق وبلا منافس لوظيفته، لا، والف لا، المطلوب اليوم هو المهارة، وفن تقديم الخدمة بمهنية، سواء أكان من يقدمها متعلم أو لا. فما حاجتنا لشهادتك وأنت لا تجيد استخدام الحاسوب مثلاً، ما حاجتنا لشهادتك وأنت لا تجيد طباعة كتاب رسمي بمهنية، وأنت لا تعمل إلا بالعصا، وأنت لا تمتلك الحد الأدنى من اللغات الأخرى، وأنت لا تمتلك الحد الأدنى من اللباقة في كتابة بريد إلكتروني أو في الرد على هاتف الدائرة التي تعمل لديها، #اترك المجال لغيرك رجاء.
 
أتجول يومياً في مختلف الدوائر الحكومية والمؤسسات، أتحسر على وضع القطاع العام في بلدي، أشعر بألم عندما أشاهد تجمعات الموظفين وخاصة في الفترة الصباحية وأشاهد حال المراجع الذي يستجدي بعض الموظفين للبدء بعملهم، من هنا فإننا كشباب سنهتف وبصوت عالٍ ودون خجل ولا ملل بضرورة محاسبة الموظف المقصر حتى يترك عمله لمن هو أكثر كفاءة وإنتاجية منه، أو أن يصلح من نفسه ويتشارك معنا في مسيرة النهضة والتطوير والعم المهني، من ناحية أخرى، فليترك المسؤول عواطفه على جنب، فلنهجر عبارة "حرام اقطع رزقه" ولينتقل لمنطق المصلحة العامة ومحاسبة المقصر، فلنعمل معاً لتطوير المؤسسات.
 
في أوروبا (فرنسا مثلاً)، الموظف يعمل من ٨ص حتى ٥م، ولا يتوقف عن العمل والإنتاج إلا بفترة الاستراحة (١٢-٢ ظهراً)، فليس مقبولاً عندهم البدء بالعمل متأخراً وإضاعة الوقت في "البريك" الصباحي الخاص بالتدخين و/أو شرب الشاي القهوة، وليس مقبول عندهم بريك الظهيرة "للصلاة التي تطول أكثر من صلاة التراويح في العشر الأواخر"، فمكان العمل عندهم هو للعمل والإنتاج فقط لا غير، يفتتح مكتبه بحسب الوقت المعلن، ليبدأ بتقديم الخدمة مباشرة دون تذمر أو تقاعس، وإلا كان مصيره "الاستغناء عن الخدمة"، فليس عندهم موظف مثبت "كجبل ما يهزك ريح".
 
أختم بقول جلالته: " لازم نشتغل بروح الفريق، والمنصب اليوم شرف، بدنا الناس الي بخدموا البلد بإخلاص "، وبهذا الصدد استذكر وإياكم مقولة الشهيد وصفي التل "عندما يتعلق الأمر بالوطن، لا فرق بين الخطأ والخيانة، فالنتيجة واحدة".
 
#الأردن_يتقدم بهمة شبابه وجلالته.
 
 
 
* د. محمد حسني معابرة
مساعد عميد كلية القانون – جامعة اليرموك وعضو هيئة تدريس في قسم القانون العام،
باحث في معهد القانون المقارن – جامعة السوربون (باريس الأولى).
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد