أزمات ضاغطة على الاردن تتزايد وتتضخم دون ان يملك أحد جرأة التنبؤ !! فالمخاوف تتجدد والحكومة على موعد قريب من تسديد التزامات ديون سابقة منها ما هو داخلي وخارجي واطفاء ديون سندات دين سابقة
ففي ظل شُح مصادر التمويل والحاجة إلى سد متطلبات الانفاق الجاري للحكومة وعجز الموازنة والميزان التجاري تقوم الحكومات عادة لاصدار سندات خزينة او سندات دولية من تمويل مشاريعها التنموية التي تعود بالنفع على الناس
فالاردن وللاسف ما زال يشهد تنامي تكاليف الاقتراض الخارجي والداخلي مما يُشكل المزيد من الضغط على الموازنة
والأسئلة التي تُطرح بمناسبة أو دون مناسبة ما هي الجدوى من الأستمرار بالاقتراض ؟ فديون الاردن تفوق حجم أقتصاده والمزيد من الاقتراض سيكون بمثابة ضرائب مؤجلة على الاردنيين ... فماذا سنترك للاجيال القادمة ؟ وكيف سيعيش ابنائُنا وأحفادُنا في السنين القادمة ؟ فكل طفل سيولد مقيداً بالديون التي ستُرهن مستقبله إلى ما لا نهاية
فدرجة المخاطر لأقتصاد اي دولة في العالم يتم قياسُها عن طريق مقارنة الدين العام بالناتج المحلي الاجمالي للدولة وتلك النسبة هي المؤشر الحقيقي لصحة اقتصاد الدولة
ففي ظل تراجع الايرادات العامة للدولة وعجز الموازنة المُزمن أصبح لا خيار أمام الحكومة على المدى القصير إلا اللجوء إلى الاقتراض عبر اصدار السندات ..... فقد اعلن البنك المركزي نيابة عن الحكومة عن طرح الاصدار الاول من سندات الخزينة لعام ٢٠٢١ بقيمة ٥٠٠ مليون دينار من اجل الحفاظ على مستويات السيولة المحلية ولتجنب مزاحمة القطاع الخاص على مصادر السيولة المتوفرة في السوق المحلي
فوفقاً لبيانات البنك المركزي ان نسبة الفائدة على تلك السندات ستكون ٣٪ ولآجل استحقاق مدته ٥ سنوات اي لشباط عام ٢٠٢٦ ... وبعتقادي ان تاريخ التسوية للمزاد تم قبل ايام
وكما سمعت ان هناك سندات يوروبوندد في طريقها للاصدار هذا ان لم تكن صدرت فعليا وقيمتها الاجمالية مليار ومائة وخمسون مليون دولار
فعودة الاردن من جديد للاسواق الدولية والتي تشهد أضطراب بسبب جائحة كورونا هو أختبار لمدى توفر سيولة دولية ترغب في الاستثمار في الاردن
فسندات اليوروبوندد هي أولاً واخيرا اداة دين تلجأ اليها معظم حكومات العالم من أجل تمويل مشاريعها التنموية بعكس الاردن من اجل تسديد ديون سابقة أو استبدال دين بأخر أو اطفاء ديون سندات سابقة جاء موعد استحقاقها .. أو لتسديد او خدمة اقساط الدين بشكل عام ... وهذا بالطبع لا يعود بالنفع على الاقتصاد وعلى مجمل الناتج المحلي الاجمالي
فعلى الصعيد العالمي نحن في دورة أقتصادية سالبة وغالبية الحكومات السابقة بأستثناء حكومة الدكتور الملقي توسعت بالاقتراض
فالمُزعج من اصدار السندات بهذا الوقت هو زيادة في حجم الدين العام للدولة من حيث أعبائه الكبيرة ومن حيث نسبته إلى الناتج المحلي والخوف مستقبلاً من مخاطر تعثر السداد
فأذا استمر الحال كما هو الان سيكون له إنعكاسات مؤلمة من حيث تعبئة الموارد المحلية وخفض التصنيف الأءتماني للاردن ... علماً بأن وكالة Fitch Ratings الدولية خفضت النظرة المستقبلية للاقتصاد الاردني من مستقرة إلى سالبة
فلم يحدث أن تضخم الدين العام للاردن كما هو الامر عليه منذ بداية عام ٢٠٢٠ ايام حكومة النهضة بقيادة الرزاز .. فقد كان المُبرر هو ازمة جائحة كورونا التي شلت الاقتصاد وعطلت مناحي الحياة
فأرتفاع ديون الدولة والعجز بالموازنات والموازين الاخرى ما هو الى اشارة سلبية للاسواق والمستثمرين ... فانا لا اعتقد ان هناك ثقة للمستثمرين في متانة ومنعة الاقتصاد الاردني
فخوفنا من ان نكون غارقين في حفرة عميقة وكل ما نراه إلا مجرد تخفيف من سرعة الغرق ..... فجميع المحاولات للتنبؤ بالازمات المالية والاقتصادية فشلت عبر التاريخ وعادة ما كانت تُفاجىء علماء المال والاقتصاد ........ فالاعتماد على الاقتراض لسداد الديون السابقة او للنفقات الجارية سيقودنا قريباً إلى عدم القدرة على الايفاء بوعودنا والتزاماتنا
والخوف من ان نشهد في الايام القادمة قرارات صعبة وتنازلات معيشية مؤلمة
والسؤال للحكومة هل تستطيع تحويل ازماتنا إلى فُرص ؟ وهل حجم الدين العام ما زال في مستويات آمنة رغم اني على معرفة تامة بالاجابة عليه ؟ فالذي اتمناه هو ان يكون قوة غلاف الحكومة هو التحدي والاصرار والتحرك نحو بر الامان.