ان مرور مائة عام على تأسيس الدولة الاردنية يجعلنا ان نُعيد النظر في العقود الماضية بشكل عام للاستفادة من الدروس والعبر والدروس التي مرت بِنَا
فدوماً نُكرر الحديث حول مسألة أهمية استعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة وبالقائمين عليها .. فقد أصبحت مؤشرات الثقة من ابرز اساسيات الحكم ... فهذه القضية تهمنا وتقلقنا فهي تدخل في صلب العلاقة بين اطراف البناء الوطني ... فعن طريق الحوار نؤسس لجيل من الاصلاحات .. وعن طريق الحوار ايضاً نتجاوز منطق الخلاف وننتقل إلى سجل الاختلاف
ولا بد من أخذها على محمل الجد لأهمية تحقيق الاستقرار والمضي قُدماً في مشاريع الاصلاح .... فالمواطن الاردني لديه وعي وادراك وفكر لما يجري حوله فهو صِمَام الامان والاستقرار الوطني .. وهو رأس المال والفائدة والاستثمار الوطني الحقيقي ... فأشراكه في القرار عن طريق الحوار بات ضرورياً ومهماً ... فعندما يشعر المواطن انه هو من يملك الدولة والدولة لا تدار لحساب نُخب .. حينها نستطيع أن نقول وبصوت مرتفع نحن نثق بكم
فرصيد الثقة بين المواطن والحكومات قد استهلك ولَم يتبقى هناك رصيد .. رغم انها قابلة للتعبئة ومن الممكن اعادة شحنها لاعطائنا تدابير جديدة في السياسة والاقتصاد والامن والثقافة والاجتماع
فواقعنا الحالي كشف عورات واسقط شخصيات .. ففقدان الثقة يؤدي إلى العجز في رأس المال البشري
فغالبية الدراسات المعنية المعنية بسيكولوجية الشعوب تؤكد انه عندما تثق الشعوب في حكوماتها فأنها مستعدة للاستجابة لكل شي خاصة في اوقات الازمات .... فالثقة Trust هي كلمة السر في انتقال المجتمعات من حال الى حال وهذا ما أكد عليه الطبيب والمفكر الفرنسي Gustave Labon في كتابه سيكولوجية الجماهير The Crowd : Astudy of The popular Mind حيث قال ان أولى خطوات الثقة هي ان تكون في وضع السيطرة وليست في وضع التسلط
فالاردن صمد في العمق ويعيش حالة مستقرة نسبياً في منطقة متفجرة ... والمتغيرات من حولنا متسارعة ومشهدها مُتحرك .. الامر الذي يستدعي البدء في تغيرات في صياغة مجمل السياسات
فأزمة الثقة في الاردن دخلت مرحلة صعبة وتتسع وهي ليست مرتبطة بحكومة معينة .. ولَم تأت عبثاً أو اعتباطاً إنما إنعكاساً للوقائع على الارض
والسؤال هو كيف نُعيد بناء تلك الثقة ؟ وكيف نصنع حالة من الثقة ؟ وكيف نجعلها تنتشر وتنمو ؟ ... فعلى ما يبدو فأن كل تلك المقاربات لها علاقة بملف الاصلاحات ..... فأستقرار البلاد غاية وهدف فقد حان الوقت لرؤية أضواء الفجر والذي نأمل إلا يكون بعيداً