شاءت إرادة الله تعالى أن ينتقل جلالة حسيننا العظيم الى الرفيق الأعلى، وكان السابع من شباط 1999 عام حزت حيث رحل جلالة المغفور له الملك الباني حسيننا النقي...الرضي... الذكي الذي ما هادن باطلا، وما تنازل عن حق، ولا تردد عن نصرة أخ أو شقيق، فعاش جلّ حياته لوطنه وأمته، فكان سيد الرجال في كل موقف يعتد برأيه وفكره في المنابر الدولية، كما هو أغلى الرجال الذي يعيش في سؤيداء قلوب كل الأردنيين والعرب جميعا.
نعم، لقد كانت لحظات الوداع قاسية لزعيم ارتبط اسم الأردن باسمه هذا القائد الذي دخل التاريخ من كل ابوابه، وكان الوداع التاريخي لراحلنا العظيم الذي لم يشهد التاريخ له مثيلا، فأصبحت عمّان عاصمة الكون كله حيث جاء العالم كله ليودع قائدا جريئا شجاعا حكيما شهد له العدو قبل الصديق بذلك.
وكنت وقتها أكمل دراسة الدكتوراه في بريطانيا في جامعة مانشستر، وكانت الصدمة قوية لجموع الكثيرين من أبناء الأردن وأبناء العرب الذين يدرسون هناك، كما كانت صدمة للذين عرفوه من المنصفين في العالم من خلال فكره الثاقب وحضوره القوي والمؤثر في الساحة الدولية.
وبقيت صورة أبي عبد الله الملك الانسان صورة الشموخ والكبرياء والعزة والكرامة ماثلة في عقلي وقلبي طيلة فترة دراستي هناك، وكان أقل شيء قدمته الدعاء الخالص وإهداء جهد رسالة الدكتوراه الى روحه الطاهرة، وعندها علق على هذا الإهداء الأستاذ المشرف على الرسالة البروفسور نائب رئيس جامعة مانشستر للعلوم والتكنولوجيا بقوله: "لقد خسر الأردن والعالم قائدا عظيما".
نعم لقد مرت سنوات رحيل حسيننا العظيم كلمح البصر مؤمنا بإرادة الله بنفس راضية مرضية، حيث سلمّ الراية قبل رحيله لعبد الله الشريف الهاشمي والفارس الذي تربى في مدرسة الحسين جنديا عربيا ليكمل مشوار البناء والانجاز في اردننا الغالي، وكانت البيعة لمليكنا المفدى عبدالله الثاني بن الحسين، وعيون الأردنيين ترى فيه صورة راحلنا العظيم قدوة ونهجا وفراسة وشجاعة.
وكان جلالة سيدنا الملك عبد الله كما أراده جلالة سيدنا راحلنا العظيم بحق الصادق الصدوق الذي لا يكذب اهله، وكان الأخ والأب لجميع الأردنيين بادلهم حب بحب ووفاء بوفاء، وكانت البيعة المستمرة والولاء المتجدد لقائد مسيرتنا وعنوان سيادتنا للسير على طريق المجد والنهضة والإنجاز.
ونحن اليوم في ذكرى الوفاء والبيعة، ما زلنا وسنبقى بعون الله على العهد والوعد مع جلالة حادي الركب ورمز سيادتنا الوطتية ابن الحسين وأبي الحسين في خندق الوطن وعلى طول المدى، ويحمي سياجه المنيع جيشنا العربي المصطفوي وأجهزتنا الأمنية الأمينة الذين يقفون دائما ببسالة وتضحية وبطولة، يدافعون عن ثوابت الدولة الأردنية وحمايتها من كل العاديات ليبقى أردننا مكلّلا بالعز والفخار، راياته في عنان السماء خفاقة، وأسواره عالية حصينة منيعة قوية راسخة رسوخ الجبال الراسيات.
رحم الله حسيننا الباني العظيم وإلى جنات الخلد يا أغلى الرجال، وحمى الله الأردن الوطن الأغلى والأقوى والأبقى، ودام جلالة مليكنا المفدى عبد الله الثاني بن الحسين وحفظ سمو ولي العهد الأمين.
• كاتب وأكاديمي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
• عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الأردنية
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا