لطالما ادمنا ولسنوات طويلة على تشكيل لجان تُعنى بالاصلاحات ورسم صورة للاردن لسنوات قادمة خلال مدد زمنية خماسية وعشرية غالبيتها ذهبت ادراج الرياح .. فقد خسرنا سنوات وها نحن نعود للمربع الاول للاعتراف باننا عجزنا عن إلاصلاح علماً بأننا كنا على مقربة من إجتراح الحلول واستشراف التحديات .. لكننا أضعنا كل ذلك ما بين ليلة وضُحاها وأصبحنا لا نرى ضوءاً في نهاية النفق
فمعظم اللجان التي شُكلت قبل سنوات طويلة تم وأدها من قبل الحكومات والبرلمانات .... على الرغم ان تشكيل اللجان يعني اطالة امد المشكلة وبرودها مع الوقت ......
فالاردن لا يمكن له ان يعيش دون تخطيط لمستقبله وموارده من اجل النهوض بالبلاد .. فالمستقبل لا يسكن بين جدران الماضي فلا زلنا نُعاني من تعثر معظم البرامج الاصلاحية .. فبعد الامعان فيها نجد أنها جاءت مخيبة للامال من حيث التشتيت السياسي والاقتصادي والاجتماعي وعدم وجود خطط عقلانية وواقعية للاصلاح
فمعظم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اتجهت الى تثبيت ركائز الدولة استناداً الى المفهوم الامني مقدمة اياه عن المفهوم المدني الديموقراطي حيث ادى ذلك إلى إستحواذ الحكومات المتعاقبة على الثروة وموازنة الدولة وتسبب ذلك في عمليات شد وجذب بين الحكومات والنُخب السياسية والبرلمانية إستناداً إلى مبدأ العصا والجزرة
فلا زلنا في الاردن نفتقر إلى الحوار السياسي بسبب عشوائية سياسات التنمية السياسية والاقتصادية التي ادت إلى تردي وتأزم الاصلاح بشكل عام .... فواحدة من أكبر مشكلاتنا أننا لا نتذكر ما حدث بالامس رغم أن معظم اللجان التي شكلت سابقاً عملت على توصيف الوضع السياسي والاقتصادي ووضعت استراتيجيات كاملة للتنمية ومتطلباتها وتُحقق مبدأ تداول السلطة والذي فعلياً بحاجة إلى إرادة سياسية
فأين هي العقول الاستراتيجية التي تضع الافكار والمُخططات لمستقبل الاردن وللاجيال القادمة ؟ وماذا إعددنا لمواجهة المتشائمين من الغد ؟ وهل كرسنا انفسنا لما هو اتٍ ؟ فالتاخير في الاصلاحزسيجعلنا جميعاً في حالة يأس واحباط ولا بد من استعادة الثقة المفقودة منذ زمن طويل لاطلاق الطاقات وتحفيز الهمم للنهوض بالتنمية .... فأية إصلاحات إذا انحصرت في الجانب التقني فأنها لن تؤتي ثمارها ... فقاعدة الفقر والبطالة والجوع في اتساع ...فلا نُريد خططاً هي مجرد اطاراً كلامياً تُردده الحكومات كل يوم دون تحقيق انجازات حقيقية على الارض
فاليوم نتحدث عن دعوات ملكية للاصلاح فلا يمكن للحكومة ان تقدم اية برامج للاصلاح السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي دون وجود خطط زمنية يتفق عليها مع البرلمان ... فالاصلاح لا بد أن يكون حقيقياً وشاملاً وليس مظهري
فهناك إسئلة للحكومة نُريد أن نسمع منها اجابات شافية لتساؤلات عن كيفية توزيع ثمار التنمية ؟ وهل سيتم فتح الباب لاصلاحات دستورية يعقبها اصلاح حقيقي دون إبطاء ؟ فنقطة انطلاق مشاريع التنمية السياسية هو قانون الانتخاب والذي يُمثل الرافعة السياسية للمناخ والعمل السياسي
فبعد تلك المخاظات التي عاشها الاردنيين لسنوات طويلة حيث باتت الايام في نظرهم متشابهة ولا يوجد فارق كبير بينها فاليوم كالامس ولا يتميز عن الماضي
فالجميع ينصح بالعودة إلى مخرجات الاجندة الوطنية فقد كانت لجنة الاجندة هي الاكثر تعبيراً في التنوع والتعددية من بين ما سبقها من لجان ومجالس ... فقد كانت عبارة عن مجتمع اردني مُصغر .... فمخرجات الاجندة الوطنية شكلت ارضية صلبة لمسارات ايجابية للحكومات في قضايا التعليم والاقتصاد والطاقة والنقل والعدالة والمساواة وكانت شاملة وتفصيلية فنياً واحصائياً ولها مدخلات ومخرجات وفق خطط وبرامج وخرائط ومعادلات رقمية .... فقد وضعت أُسساً لقواسم مشتركة بين جميع القوى السياسية واستقلالية وسلامة مؤسسات الحكم
وانطلقت من واقع المجتمع الاردني الذي يُمثل تراكم الماضي ونقطة انطلاقه نحو المستقبل لترسيخ دولة الحق ونشر قيم التربية الوطنية وتعميم الشعور بالانتماء .. وتعزيز البيئة القانونية الداعمة للحريات ودمج المواطنين في عملية التنمية
فالاردنيين باتوا ينظرون إلى ان التفاؤل في السياسة جزئي ومؤقت وأحياناً يولد الاحباط والاكتئاب ... فنحن امام تحديات صعبة فالخوف على مصير مؤسسات استراتيجية كالضمان الاجتماعي والتعينات التي تتم في عتمة الليل دون مراعاة المساوة والعدالة وتتظخم الرواتب الجنوني يولد شعوراً بالظلم .... فهيبة الحكومة تأتي من رضا الناس على إداؤها ... فالجميع يعرف جيداً انه لولا الفساد وغياب العدالة الاجتماعية لما كان هناك مطالبة بالاصلاح ..... فخطة الاجندة الوطنية تم دفنها وهي حية ولَم تُحظى بنقاش وطني