كم نحن أجيال محظوظة بأن نحتفل معاً بمئوية الدولة الأردنية، هذه الدولة التي قدمت للوطن وللشعب أغلي ما يمكن ان يمتلكه ويتفاخر به أي انسان، أنه الوطن الذي نفتديه بروحنا ونروي ترابة بدمائنا.
وما زالت المملكة تسطر قصص النهوض والنجاح والنضال للوصول الى ما نحن عليه الأن، من الصمود ويليه صمود امام كل ما عانينه من تحديات وصعوبات وعقبات وحروب.
إن الاستقرار والنمو الذي نعيشه ونشهده لم يأتي من عبث، لو لا وجود القيادة الحكيمة ورجال الدولة ومواطنيها الغيورين والمنتمين لترب الأردن.
لم يكن من السهل بناء دولة بهذا الحجم في ظل الإمكانيات الاقتصادية المتواضعة، والظروف السياسية المحيطة. وان وجود القيم التاريخية التي رسخت ترابط الأردنيين وانتماءهم لهذه الأرض المقدسة، وما لها من الأثر الطيب والمميز في مسيرة البناء والإنجازات التي نشهدها اليوم.
وهنالك محطات تاريخية مهمة يجب علينا ان نتوقف عندها. بدأت الحياة السياسية في الأردن مع قيام إمارة شرق الأردن عام 1921م، وبوجود الاستعمار البريطاني. وبنفس العام تم إصدار اول وسيلة إعلامية صحيفة الحق يعلو. كانت المؤثرات الداخلية كالأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية وانعدام الأمن والاستقرار، والنزاعات القبلية دافعاً لإنشاء الإمارة. عندها أخذ المغفور له الأمير عبد الله حينها أولى خطواته بتشكيل حكومة إمارة شرق الأردن بتاريخ 11-نيسان-1921م برئاسة رشيد طليع.
ومع مرور السنوات تم تأسس العديد من الأحزاب، ومنها: حزب الاستقلال الذي أنشئ أولا في سوريا، ثم نُقل إلى عمان، وكانت الأحزاب تدعو:» إلى الوحدة العربية للبلاد العربية، التي تم تحريرها، ومنها حزب الشعب الذي نصّ نظامه على تأييد استقلال البلاد، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، ونشر التعليم، والمحافظة على الحرية الشخصية، والمساواة، وحرية الأديان والمذاهب، والمحافظة على الإخاء بين السكان، ويعد هذا الحزب ممثلا لشعب بتطلعاته لبناء دولة أردنية حديثة مستندة إلى دستور قوي (العمايرة، 2006، ص. 124).
وفي عام 1928 عقد أول مؤتمر في تاريخ الأردن تحت اسم المؤتمر الوطني الأول، وأهم إنجازاته العمل على صياغة الميثاق الوطني الأردني الأول، الذي نصّ على أن الإمارة دولة عربية مستقله ذات سيادة برئاسة الأمير عبد الله، ورفض وعد بلفور، ومبدأ الاحتلال (محافظة، ص. 85).
في عام 1929 تمت الانتخابات التشريعية الأولى، وعقد المجلس التشريعي الأول في 2 نيسان 1929، وبتاريخ 25 أيار 1946حصل الأردن على الاستقلال، ونودي بالأمير عبد الله ملكا على المملكة الأردنية الهاشمية (الخطيب،1991، ص.12).
وفي عام 1953 تولى المغفور له الملك الحسين بن طلال عرش الأردن، وجرت خلال فترة حكم الحسين التي استمرت ما يقارب سبعة وأربعين عاما العديد من الأحداث، والقضايا المحلية، والإقليمية، والعالمية. فالأردن جزء من الوطن العربي، ولموقعه الجغرافي في القلب منها.
عانى الأردن عبر أكثر من نصف قرن العديد من الحروب، والنزاعات الداخلية، أو الخارجية من الدول المجاورة؛ مما أدى إلى عدم اتباع نهج سياسي واحد منذ تاريخ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، كالاستعمار البريطاني، وحرب 1948، وحرب 1956، وحرب 1967، وأيلول الاسود 1970، والحرب الأهلية في لبنان 1975، والحرب العراقية ـــــ الإيرانية 1980، وحرب الخليج الأولى 1991، والاحتلال الامريكي للعراق 2003.
في نيسان من عام 1989 اندلعت (هبة نيسان) المعروفة التي انطلقت من معان جنوبي الأردن؛ بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، مما مهد للعودة إلى الحياة البرلمانية حسب قانون الانتخاب رقم (22) لعام 1986 الذي أتاح للمرأة الأردنية المشاركة في الانتخاب، والترشح بعد ما كانت قد منحت هذا الحق بتاريخ 4 نيسان 1973، وبتاريخ 8-11-1989تم انتخاب مجلس النواب الحادي عشر بعد توقف دام أكثر من عقدين؛ بسبب الأوضاع السياسية الداخلية، والإقليمية.
بعد أن تولى الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية بتاريخ 7 شباط 1999 كان مجلس النواب الثالث عشر مازال قائما، وأقسم اليمين الدستورية أمام مجلس الامة. وفي هذه المرحلة شهد الأردن، ومازال يشهد العديد من التغيرات، والإجراءات التي تعمل على الإصلاح السياسي.
وبعد قيام الثورة في تونس أواخر عام 2010، وامتدادها إلى مصر، وليبيا وأطلق عليها بالربيع العربي، ولكن ما ميز الربيع الأردني أنه اتي على مرحلتين: كانت المرحلة الأولى هبة نيسان عام 1989، وتم احتواؤها في ظل السياسة الأردنية، واستجابة المغفور له الملك حسين بن طلال لمطالب الشعب.
وبدأت المرحلة الثانية للربيع العربي مع حراك الاحتجاجات، لكن ما ميز الحراك الأردني أنه كان هادئا على الأغلب وما ميز هذه المسيرات والاعتصامات أنه لم تتخللها مظاهر عنف شديدة، وسفك دماء وكانت مطالبات الحراك تركز على مكافحة الفساد، وتعزيز الحياة الديمقراطية، وحرية التعبير. (الموسى، ص. 84-86).
إنها المملكة الأردنية الهاشمية يا سادة، دعونا نحافظ عليها ونثبت مواطنتنا وانتماءنا الى هذه الأرض المقدسة.