كثير من وسائل الإعلام وبخاصة الإلكترونية منها، ونريد هنا أن نتحدث عن صحافتنا المحلية، تتسابق في معالجة حدث ما بأسلوب تقليدي ومكرر لبعضه بعضاً، وهو ما نسميه «النسخ واللصق» أو النقل عن بعض.
و«النسخ واللصق»، وإعادة نشر المنشور وتداوله وإن اختلفت الصيغة وهي ما ندر، يمكن أن نسميه «سطو على المهنية» في بعض الأحيان، لقيام تلك الوسائل بالاعتداء على جهود الآخرين، وضياع حقوقهم، وكثير منهم يصمتون رغبة في تجنب إجراءات التقاضي وتكاليفه، الأمر الذي زاد هذه الظاهرة إتساعاً وسوءاً.
معروف أن وسائل الإعلام بمجملها قد تتلقى ذات «النص الإخباري» من مصدر واحد، مثل بيانات الأمن العام والدفاع المدني والمؤسسات الحكومية، وأخبار وكالة الأنباء «بترا»، فيجدها القارئ تتصدر غالبية المواقع الإخبارية والصحف ووسائل الإعلام الأخرى بذات الصيغة في غالب الأحيان.
ولكن، قد تجد مادة صحفية ثرية بالمعلومات والمصادر، وقد بذل كاتبها ومحررها الجهد والوقت إلى أن وصلت إلى نقطة تستحق فيها النشر، عرضة «للسرقة» دون ذكر المصدر أو استئذانه، بل أن بعض وسائل الاعلام وصل بها حد «السطو» إلى نسبة المادة الصحفية لها في اعتداء آثم على جهد الزملاء.
هذه الإشكالية، وهي إدارة وتنظيم المحتوى الصحفي، نادراً ما يتم التطرق اليها، علماً أن المنتج الإخباري هو حصيلة العمل الصحفي من بدايته إلى نهايته، ولا بد من حمايته بتعديل التشريعات الناظمة له وتشديد العقوبات.
وعند بحثنا في التشريعات الناظمة للمحتوى الصحفي، وجدنا أن الأردن قد وقع على اتفاقيتي الويبو (المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية) بشأن حق المؤلف و الأداء والتسجيل الصوتي (دخلتا حيز النفاذ في 27/4/2004 و 24/5/2004 )، وتم صياغة بعض نصوص قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة مع هاتين الاتفاقيتين.
وعالج قانون حماية حق المؤلف تنظيم المحتوى الصحفي، إذ نص في المادة 18 منه على أنه: «لا يجوز للصحف والنشرات الدورية نقل الروايات المسلسلة والقصص القصيرة وغيرها من المصنفات التي تنشر في الصحف والنشرات الدورية الاخرى دون موافقة مؤلفيها على أنه يجوز للصحف أن تنقل ما ينشر في الصحف الاخرى من المقالات ذات الطابع الإخباري السياسي والاقتصادي والديني التي تشغل الرأي العام إلا إذا ورد في الصحيفة التي نشرت فيها تلك المقالات ما يحظر نقلها صراحة، ويشترط في جميع الحالات الإشارة إلى المصدر الذي نقلت عنه».
كما نصت المادة (19) من ذات القانون على أنه: «يجوز للصحف وغيرها من وسائل الإعلام أن تنشر دون إذن المؤلف الخطب والمحاضرات والأحاديث وغيرها من المصنفات المماثلة التي تلقى علنا أو توجه إلى العامة. ويشترط في جميع هذه الحالات أن يذكر المصنف ومؤلفه على أن لمؤلف أي من هذه المصنفات نشره في مطبوع واحد أو بأية طريقة أو صورة أخرى يختارها».
وعالج قانون المطبوعات والنشر الدقة والموضوعية عندما نص: «على المطبوعة تحري الحقيقة والالتزام بالدقة والحيادية والموضوعية في عرض المادة الصحفية والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والإسلامية».
كما أكد قانون المطبوعات والنشر على أن «تعامل المادة الصحفية المقتبسة أو المتضمنة معاملة المادة المؤلفة أو الأصيلة».
نحتاج إلى تطوير هذه الشريعات، بما يضبط المحتوى الصحفي ويحميه، مع النص على عقوبات رادعة، ضمن نصوص قانون المطبوعات.