ساعات قليلة تفصلنا عن نهاية عام 2020، وهي ساعات ستحمل علامات استفهام حول إمكانية تنظيم أو إحياء حفلات ليلة رأس السنة في الدول العربية، في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا.
جائحة الفيروس التاجي غيرت معالم عام 2020 وجعلته عاماً لن ينساه أحد أبداً، ولكن الكثير من الناس مستعدون للمضي قُدماً والعودة إلى الحياة الطبيعية في 2021، مع توقع توزيع عدد من اللقاحات بالفعل، وحتى ذلك الحين، أفضل ما يمكن أن يتطلع إليه معظم الناس، هو وضع عام 2020 وراءهم بعد أن غير الوباء كل جانب من جوانب الحياة تقريباً.
ومع اقتراب دقات الساعة ترحيباً بالعام الجديد، لازالت الحكومات تعمل على تطبيق الإجراءات الاحترازية لحصر الوباء، على أمل تجنب تفاقم المشاكل التي تواجهها المستشفيات والأطقم الطبية مع عودة الحالات في جميع أنحاء العالم، ومن ضمن هذه الإجراءات، منع تجمعات الاحتفال برأس السنة.
منذ بداية شهر ديسمبر من كل عام، تتجهز المحال التجارية والسياحية في العالم لاستقبال العام الجديد، وتضع الزينة الحمراء ومجسمات بابا نويل على أبوابها، احتفالا برأس السنة الميلادية، إلا أن هذا العام 2020 الأول الذي تنطفئ فيه شمعة الاحتفالات، بسبب فيروس لا تراه العين المجردة، لكنه أهلك الكثير من الأجسام، وأودى بحياة الكثيرين ممن نحبهم.
بعد أن بلغ أعداد المصابين بفيروس كورونا الجديد أكثر من 80 مليون شخصا في مختلف أنحاء العالم، أشارت دراسة حديثة إلى أن الوباء ينتشر بشكل أسرع مما كان متوقعا في السابق، مما يؤكد على ضرورة فرض إجراءات أكثر صرامة في مسألة التباعد الاجتماعي وحظر التجمعات البشرية، وهذا يتنافى مع إقامة الحفلات والسهرات وغيرها.
في معظم الأحيان وخلال التجمعات ينتقل الفيروس من شخص مصاب إلى آخر سليم وثالث ورابع، وقد يصيب عشرات الأشخاص المتواجدين في المكان الواحد بسرعة كبيرة مما يؤكد على ضرورة حصر التجمعات وفرض قواعد أكثر صرامة وإجبار المواطنين على الالتزام بها كوسيلة لمواجهة هذا الفيروس.
هناك فرق بين التجمعات الخطرة، التي تكون سبباً مباشراً في انتشار فيروس كورونا المستجد، ليصيب مجموعات بشرية بأعداد كبيرة، والزيارات السريعة، التي تؤدي غرض الاطمئنان والسلام على الأهل، بطريقة آمنة، لا تجلب لهم الضرر أو المرض.
فرق كبير بين هاتين الممارستين، مع أنهما تحملان الهدف النبيل نفسه، فكلتاهما من صميم عاداتنا الاجتماعية المحببة، وكلتاهما تندرجان تحت صلة الأرحام، ولكن في هذا الوقت، وفي هذه الفترة الصعبة، ومع وجود فيروس كورونا، هناك فرق شاسع بينهما، فالممارسة الأولى لا تجوز شرعاً، من مبدأ «لا ضرر ولا ضرار»، ومُجرَّمة قانوناً، فهي مخالفة صريحة لقوانين وتعليمات الدولة في إطار مكافحتها لهذا المرض، أما الثانية، وهي الزيارات السريعة، فإن كانت محددة، ومنظمة، ومتوافقة مع جميع الإجراءات الاحترازية التي تمنع انتشار الفيروس، فلا بأس بها، فالهدف هو حماية العائلة، خصوصاً كبار السن، وليس الهدف منع الناس من التواصل مع أهاليهم، ومع ذلك فتجنبها أيضاً في هذا الوقت أفضل، والاستعاضة عنها بالوسائل التقنية والاتصال عن بعد آمن.
وأخيراً فإن الفيروس اللعين قد أكل وشرب من القطاع السياحي في العالم، ولعل ما كانت الفنادق والمنتجعات السياحية ستجنيه من احتفالات راس السنه قد ذهب إدراج الرياح.