أن التعديل الدستوري في جميع الانظمة الدستورية هو ضرورة قانونية وسياسية ... فالدستور هو التشريع الذي يحدد الحقوق والواجبات العامة للشعب ... اما القانون فهو الذي ينظم العمل والحياة بشكل عام شريطة إلا يتعارض مع الدستور والحقوق العامة .
فالدستور الاردني صدر في ٨ كانون الثاني ١٩٥٢ في عهد جلالة الملك طلال رحمه الله وتكون من تسعة فصول و ١٣١ مادة دستورية ..... ففي عهد الراحل الحسين تعرض الدستور لتسعة تعديلات طالت ٢٤ مادة منه ، حيث تركزت تلك التعديلات بشكل اساسي على السلطة التشريعية التي تم انتزاع صلاحيات منها لصالح السلطة التنفيذية ... وكان اخر تعديل في تلك الفترة من الزمن في عام ١٩٨٤
وبعد ذلك وفِي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني أُعيد تعديل الدستور ثلاث مرات أولها عام ٢٠١١ وتحدث الملك عنها بورقته النقاشية الخامسة وأكد انها جاءت لترسيخ منظومة الضوابط العملية لمبادىء الفصل والتوازن ما بين السلطات ... فالتعديل الدستوري حينها لم يقترب من صلاحيات جلالة الملك وابقى عليها كما هي !!! لكن تلك التعديلات شملت بنوداً تخُص مجلس النواب وانشاء محكمة دستورية والهيئة المستقلة للانتخابات ... وعملت تلك التعديلات على تحديد الاطار الدستوري لصلاحيات محكمة امن الدولة وحصرها بثلاث مهمات
فالدستور الاردني عُدل ١٢ مرة ففي عام ١٩٥٥ عُدل مرتين وفِي عام ٥٨ و ٦٠ و ٦٥ و ٧٣ و ٨٤ و ٢٠١١ و ٢٠١٤ و ٢٠١٦ مرة واحدة ... وفِي عام ١٩٧٤ عُدل مرتين
فرغم التعديلات الثلاث الاخيرة التي تمت ... فهناك عدة قوانين كان وجوباً تعديلها انسجاماً مع التعديلات الدستورية التي تمت ... فالمُهم هنا هو انسجام وتؤام كافة القوانين نصاً وروحاً مع الدستور ... واذا كان هناك أي قانون يخالف الدستور يصبح غير دستوري ... علماً بأن غالبية الحكومات تستندُ على القضايا الاجتهادية التي يختص بها مجموعة من المُفتين ! وعلى النقيضُ الاخر هناك من يقول ان الحكومات السابقة خالفت المادة ١٢٨ من الدستور والتي منحت الحكومة مدة ثلاث سنوات لتعديل القوانين بما ينسجم مع التعديلات الدستورية في بندها الثاني .... وهناك من له رأي اخر في تفسير المادة ١٢٨ من الدستور ويقول ان النص جامد وغير مفهوم ويدخلُ في اطار من الضبابية ( لزوم ما لا يلزم ) .... ومعظمهم يستندون على تفسير المجلس العالي لتفسير الدستور للمادة ٩٤ في تفسير المادة ١٢٨ وهو ان الحق الاجرائي كلما ربط بميعاد زمني محدد ثم انقضى ذلك الميعاد كان عرضة للتقادم أو السقوط ..... والامثلة كثيرة فلو قرأنا المادة ( ٥ ج ) من قانون نقابة المعلمين لوحدنا أنها تنصُ نصاً حرفياً وهو التزام النقابة بعدم ممارسة أي نشاط حزبي وهذا مخالفة صريحة للمادة 16/2 من الدستور فهي تنُص انه يحق لجميع الاردنيين تشكيل جمعيات ونقابات واحزاب سياسية غايتها مشروعة ولا تخالف احكام الدستور .... فأنقضاء المدة الدستورية يعني دون أدنى شك وجود مخالفة دستورية في حال ثبوت عدم تعديل أي قانون بما ينسجم ويتوائم مع التعديلات الدستورية رغم ان هناك من يقول أن مدة الثلاث سنوات التي مُنحت للحكومة هي ميعاد تنظيمي وليس ميعاد سقوط