نعاني في الأردن من طريقة فريدة في حل المشكلات. الحلول بالتوازي. و هي عدم حل المشكلة بل ايجاد خط موازي لمشكلة جديدة و محاولة حلها بالتوازي مع المشكلة الأصلية فننتهي إلى مشكلتين بدون حل.
و لنأخذ مثالا مشكلة الفاقد الكهربائي من الشبكة الكهربائية في المملكة، كانت أصلا مشكلة عند شركات انتاج الكهرباء فتم ترحيلها لتكون مشكلة عند شركات توزيع الكهرباء و بما أنه لا يمكن حل المشكلة من جذورها تم تحميل المواطن الملتزم بدفع الفواتير قيمة فاقد الشبكة الذي يستهلكه المواطن الذي لا يدفع فواتيره.
أصبحت المشكلة مزدوجة عند المواطن و شركات توزيع الكهرباء. التفكير بهذه الطريقة هو تفكير بعقلية لص وهو يقوِّض الايمان و الثقة في المجتمع فالسارق هي مؤسسة و ليست فرد و بذلك أُسِّس للسرقة المؤسسية او المجتمعية بحيث يعتدي المجتمع على جزء أصغر منه.
من الصعب القول هل ما يحدث فعليا هو حلول متوازية أم ترحيل مشاكل بشكل متوازي و في النهاية يقع العبء على المواطن. فلِحل عدم العدالة المفترضة لضريبة الدخل تم خلق قانون ضريبة مبيعات مميز و يتم التعامل مع الضرائب عن طريق الترحيل من قطاع الى قطاع آخر حتى دون النظر الى المحصلة النهائية للضرائب والمسميات المختلفة للجباية من المواطنين، فهناك ضريبة المبيعات و الدخل و المحروقات و الاتصالات و الطوابع على المعاملات حتى الأختام عليها رسوم، غير الرسوم التي يدفعها المواطن كلما دخل ليراجع او يستفيد من خدمة حكومية.
توجد عملية اقناع مبطنة بالخداع فيما يخص المشكلات المفترضة، أو عملية خلق للمشكلات فهم يريدون اقناعنا بوجود مشكلة لخلق فرصة لهم للتسلل الى جيوبنا لنهب المزيد من المال. أحيانا يختلق عدم وضوح بالرؤية ليتم اقناعنا بالمشكلة.
عندما يستمر النهج في ترحيل المشكلات فإنها تتناسل و تتكاثر مع تضاؤل الأمل في الحل، لأنه لو كان الحل ممكنا لما رحلت المشكلة من الأساس.
القوانين تراعي مصالح الحيتان المتنفذين و ليس المواطن البسيط. هل نستطيع حل المشكلات الراهنة دون السعي لترحيلها لتكون مشاكل جديدة في مكان آخر. الجواب هو أنه لا توجد إرادة للحل.
ترحيل المشكلة من شخص الى آخر و من شركة ألى اخرى و من قطاع الى آخر لكي يسجل المسؤول المرحِّل أنه تخلص من المعيقات التي واجهته و لكي يسجل نجاحا في المعركة ضد طواحين الهواء التي لا تنفك تدور قبل و أثناء و بعد استلامه للمسؤولية.
لا يمكن افتراض حسن النية فيما يخص الشأن العام إذا كانت النتائج سلبية بل و أحيانا تكون ضارة. بعض التجارب لا يمكن حتى ذكرها لأناس احترفوا النصب و الاحتيال و استغلال المنصب العام و حتى الجو العام لمصلحتهم الذاتية.
التجربة الاردنية في حل المشاكل المستعصية عنوانها وضع الرؤوس في الرمال.
التجار الأردنيون يعشقون المشكلات بالتوازي فهم يرحلون مشاكلهم الى الزبائن كي يتحملوا عبء بضائعهم الفاسدة، و بذلك يشكون من الكساد ويرحلون هذا الكساد الى الحكومة و الاجهزة الرسمية و كأنها هي من اوصتهم بشراء بضائع سيشتمهم المواطن بسببها بعد ان يشتريها و تستبين مستوياتها المتدنية في الجودة. التاجر الاردني يبحث عن الزبون العابر الذي لن يعود اليه ابدا بعد ان يجربه.