وزير المالية: اقتصادنا دخل بحالة تباطؤ

mainThumb

30-06-2009 12:00 AM

أطلع وزير المالية باسم السالم اليوم الأثنين اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب على الدوافع التي دفعت بالحكومة الى التقدم بتعديل قانون ضريبة الدخل والقوانين الاقتصادية الأخرى المعروضة على مجلس النواب الموقر.

وقال خلال اللقاء الذي جمع الوزير برئيس وأعضاء اللجنة في مجلس النواب ان الاردن يمر بتحديات كبيرة ناجمة بشكل أساسي عن اندلاع الازمة المالية العالمية والتي تحولت الى أزمة اقتصادية أثرت على معظم دول العالم، مؤكدا ان الاقتصاد الوطني بدأ فعلا يمر في حالة من التباطؤ الذي تؤكده العديد من المؤشرات.

وأوضح بان أبرز هذه المؤشرات هي نسبة النمو المتواضعة التي حققها الاقتصاد خلال الربع الاخير من العام الماضي والربع الاول من هذا العام وتراجع الصادرات الوطنية والاستثمارات الواردة للمملكة والرقم القياسي لكميات الانتاج الصناعي والتسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك وغيرها.

وبين ان هذا الوضع أثر على أداء الموازنة العامة للدولة، فتباطأت الايرادات المحلية خلال الفترة المنقضية من هذا العام، ونتيجة لذلك نتوقع أن يرتفع العجز خلال العام الحالي ليصل الى حوالي 1ر1 مليار دينار مؤكدا انه لا يمكن قبول حالة التباطؤ في الاقتصاد لأن ذلك سيؤثر على الايرادات في الموازنة.

كما أكد انه لا يمكن ضخ الاموال في الاقتصاد من خلال زيادة الانفاق وتقديم الكفالات للشركات المتعثرة لأن ذلك سيفاقم من العجز وسيزيد من نسبة الانفاق للناتج المحلي التي هي مرتفعة أصلا وتناهز 55 بالمئة وهي نسبة من أعلى النسب على المستوى العالمي، موضحا بانه لا يمكن زيادة الضرائب لمعالجة عجز الموازنة لأن ذلك سيؤدي الى تعميق حالة التباطؤ في الاقتصاد.

وقال الوزير ان استمرار هذه الاوضاع لمدة تتجاوز هذا العام سيفاقم التحديات ويجعل من العسير مواجهتها الأمر الذي يتطلب اتخاذ خطوات فورية للتصدي لها بنظرة شمولية تركز على حفز النمو في النشاط الاقتصادي وفي نفس الوقت ضمان ديمومة الاستقرار المالي في المملكة .

واضاف ومن هذا المنطلق تم التقدم بمشروع قانون ضريبة الدخل ليتم من خلاله ايلاء الاستثمار المزيد من الاهتمام باعتباره ركنا أساسيا من أركان النمو الاقتصادي وخاصة في دولة كالاردن ذي الموارد الطبيعية المحدودة، وتعزيز الوضع التنافسي للاقتصاد الاردني وتخفيف الاعباء عن قطاع الاعمال مؤكدا ان ذلك يتطلب تطوير النظام الضريبي في المملكة بشكل يضمن اعطاء دور أكبر للقطاع الخاص لتمكينه من المساهمة بفاعلية في دفع وتيرة النمو الاقتصادي وتعزيز الجهود لمكافحة الفقر والبطالة.

وأشار الى انه لا يوجد اصلاح بدون ثمن، والتراجع الطفيف المتوقع في الايرادات خلال المدى القصير يمكن تحمله في سبيل تحقيق الأهداف الكبيرة التي نسعى اليها وفي سبيل تمكين المملكة من تجاوز التحديات وتجنب مواجهة ما هو أسوأ، فهذا الاصلاح الذي يهيء اقتصادنا للمرحلة المقبلة سيمكننا من تحقيق معدلات نمو مرتفعة تساهم في تعويض التراجع في الايرادات على المدى المتوسط وزيادة درجات الاعتماد على الذات.

وقال السالم ان فلسفة مشروع هذا القانون تقوم على عدة محاور رئيسية مترابطة لا بد من النظر اليها بصورة شمولية وغير مجزأة، ومن أبرز هذه المحاور الوضوح والشفافية ، مشيرا الى ان هذا القانون ألغى كافة القوانين التي تفرض بموجبها بعض الضرائب المتناثرة هنا وهناك وأصبح القانون الجديد المصدر الرئيسي الوحيد لفرض الضريبة المتعلقة بالدخل والإعفاء منه.

وحول محور الاستقرار التشريعي للنظام الضريبي قال الوزير ان هذه الميزة في غاية الأهمية للمستثمرين ودافعي الضرائب، ولعله من المفيد الإشارة هنا إلى أنه لأول مرة يتم إجراء مراجعة شاملة لكافة التشريعات التي تحكم النظام الضريبي في المملكة والوقوف على خصائص هذا النظام والاختلالات التي يعاني منها ومدى ملاءمة العبء الضريبي في المملكة بالمقارنة بالدول المجاورة.

واضاف ان مشروع القانون يحقق العدالة والمساواة، مؤكدا ان هذه سمة واضحة اذا أخذنا مثالا لمكلفين يتساوون في الدخل، ولكن تختلف نسب الضريبة المفروضة عليهم باختلاف نوع العمل الذي يمارسونه، والقانون المقترح ساوى بين الضريبة على الأفراد المتساوين في الدخل بغض النظر عن مصدره .

واوضح ان مشروع القانون عمل على تقنين الإعفاءات وألتي أثبتت الدراسات والتجارب أن منح الإعفاءات الضريبية ليس لها علاقة بحفز الاستثمار، فهي فقط تولد صناعة استغلال الإعفاءات وإضاعة الوقت في البحث عنها.

كما أوضح بأن تقديم الإعفاءات لمستثمر أجنبي سيحرم الدولة من عائدات ضريبية ستذهب إلى دول أخرى نظرا لارتباط المملكة بالعديد من اتفاقيات منع الازدواج الضريبي.

وبين بان مشروع القانون عمل على توسيع القاعدة الضريبية مشيرا الى ان تخفيض النسب الضريبية سيقابله توسيع للقاعدة الضريبية من خلال تشديد العقوبات على التهرب الضريبي أو التأخر في توريد حقوق الخزينة، وإلغاء الإعفاءات مثل الخصم التشجيعي، وأرباح التوزيع لغير المقيمين، وخصم ضريبة المسقفات، والإعفاءات المتعلقة بالإيجارات، واستهداف ما نسبته 20 بالمئة من الديون غير العاملة في ميزانية البنوك، والإعفاءات الممنوحة على الاستثمار في الأدوات المالية الحكومية، وعدم السماح بتنزيل المصاريف المتعلقة بالاستثمارات للشركات غير الاستثمارية.

وقال لقد راعى مشروع القانون تخفيف الأعباء عن الشريحة المتوسطة في المجتمع، فالإعفاءات الممنوحة للأفراد ضمن هذا القانون تكفل إعفاء مجموعة كبيرة من المكلفين من هذه الشريحة.

وحول التهرب الضريبي، قال الوزير أعتقد ان هذه الميزة هي من أهم الميزات التي ركز عليها مشروع القانون مبينا ان معالجة التهرب الضريبي وتشديد العقوبة على من يمارسه لم يأت فقط لتعزيز إيرادات الخزينة وتحصيل حقوقها في الموعد المناسب وإنما هو أيضا مطلب الذين يلتزمون بدفع الضريبة، فالعدالة تقتضي عدم معاقبة الملتزم بدفع الضريبة وخلق منافسة غير متكافئة بين من يدفع الضريبة ومن لا يدفعها.

وقال لقد تضمن مشروع القانون مواد في غاية الأهمية لتحسين الإدارة الضريبية وتشجيع الالتزام الطوعي وتضييق قنوات التهرب الضريبي.

وعرض الوزير أمام اللجنة أهم الانتقادات التي وردت على مشروع القانون خلال مناقشته مع مختلف الفعاليات مؤكدا ان الهدف الرئيسي الذي سعت اليه وزارة المالية من وجود قانون موحد هو توحيد الاحكام الضريبية وخاصة المتعلقة منها بالدخل والمبيعات.

وحول مناقشة مشروع قانون الضريبة الموحد مع الجهات القانونية، قال ان هذه الجهات أشارت الى ان وجود أربعة قوانين في قانون واحد فيه اختلال تشريعي (دخل ومبيعات ونقل ملكية وطوابع الواردات) بسبب اختلاف جهات التحصيل واختلاف الوعاء الضريبي.

واشار الى انه وبالرغم من تجزئة قانون الضريبة الموحد الا أننا راعينا عند اجراء التعديلات على قانون ضريبة الدخل وقانون ضريبة المبيعات ان تكون أحكامهما موحدة، وبالتالي لم نتخل عن هدف قانون الضريبة الموحد بالرغم من تجزئته.

وأكد السالم أن أحد أسباب تخفيض نسب ضريبة الدخل على الشركات هو تخفيف الاعباء عنها في هذا الوقت الذي تعاني فيه من تداعيات الازمة الاقتصادية، وكذلك تحسين بيئة الاعمال في المملكة وزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.

وأوضح ان هذا التخفيض على الشركات سيساعدها في مواجهة تحديات هذه المرحلة وسيمكنها على المدى المتوسط من التوسع في نشاطاتها، كما سيساعد على جذب استثمارات خارجية للمملكة ما سيؤدي الى زيادة نسب التشغيل من خلال ضمان فرصة عمل مناسبة له بدلا من أن يكون الاستغناء عنه حلا تلجأ له الشركات المتعثرة.

وقال ان شريحة الفقراء ومتوسطي الدخل تستحوذ على اهتمام بالغ في برامج عمل الحكومة، حيث أن جانب كبير من النفقات العامة في الموازنة تتجه لمصلحة هاتين الشريحتين من خلال دعم التعليم والصحة وأسعار المياه بالاضافة الى الاجراءات والمبادرات المتعلقة بتعزيز شبكة الامان الاجتماعي.

وأضاف ان الفقير هو المستفيد من نسب الضريبة المطبقة حاليا، حيث يستفيد الفقراء من اعفاء العديد من السلع الاساسية أو من الضريبة المخفضة على عدد من السلع التي لا تتجاوز نسبتها 4 بالمئة وتشكل هذه السلع الجانب الاعظم من سلة الاستهلاك للشرائح الفقيرة وعليه فان أي تخفيض في النسبة العامة لضريبة المبيعات سيكون لصالح الشرائح التي تدفعها فعليا وهي الشرائح الغنية.

وحول تخفيض نسبة ضريبة الدخل على البنوك بين السالم ان البعض يرى أن دخل البنوك مرتفع ولا يوجد مبرر لتخفيض الضريبة عليها مؤكدا وجوب النظر إلى هذا الدخل ليس بالقيمة المطلقة ولكن بالعائد على القيمة المستثمرة، فالدخل الذي تجنيه البنوك ليس مرتفعا اذا ما قورن بالاستثمارات الضخمة التي توظفها، والبيانات المتوفرة تشير إلى أن متوسط نسبة الدخل بعد الضرائب إلى حقوق المساهمين تبلغ2ر12 بالمئة لكافة القطاعات الإقتصادية، منها البنوك 9ر10 بالمئة أي أقل من المعدل العام.

وأوضح ان العبرة ليست في نسبة الضريبة المأخوذة على حدة، بل في العبء الضريبي بالكامل, ففي الوقت الحالي يفرض على البنوك ضريبة نسبتها 35 بالمئة، ولكنها لا تدفع سوى 28 بالمئة في المتوسط، ومرد ذلك تمتعها باعفاءات عديدة منها المتعلق باستثماراتها في السندات والأوراق المالية والخصم التشجيعي واعفاءات الديون المعدومة والارباح الموزعة من البنوك على المساهمين الاجانب.

وبين ان مشروع القانون المقترح ألغى هذه الإعفاءات وألزم البنوك بالدفع الربعي قبل انتهاء السنة المالية، وبالمقابل خفض نسبة الضريبة إلى 25 بالمئة .

وأشار السالم الى ان مشروع القانون فرض ضريبة دخل على قطاع الزراعة نسبتها 12 بالمئة بعد إعفاء 50 ألف دينار من الدخل، واذا ما أضيف لهذا المبلغ تمتع المزارع الفرد باعفاء يصل الى 24 الف دينار فان مجموع الاعفاءات التي سيتمتع بها المزارع الفرد تصل الى 74 الف دينار مؤكدا ان هذه الضريبة لن تفرض على المزارع البسيط الذي يزرع أرضا يمتلكها، وإنما ستفرض على الشركات الزراعية التي تتبع أساليب الصناعة الزراعية الحديثة وتحقق عوائدا مرتفعة من التصدير إلى أوروبا وباقي دول العالم.

وقال ان الحكومة ليست ضد قطاع الزراعة، فهذا القطاع يتلقى وسيبقى يتلقى دعما كبيرا من الحكومة مثل إعفاء مدخلات الإنتاج الزراعي من الضرائب والجمارك ودعم أسعار المياه، ويتلقي صغار المزارعين لإعفاءات على فوائد قروضهم من مؤسسة الإقراض الزراعي، وشراء منتجات المزارعين من الحبوب من قبل الحكومة بأسعار مشجعة.

اما فيما يتعلق باخضاع الراتب التقاعدي للضريبة، قال الوزير لقد اعتبر مشروع القانون الراتب التقاعدي دخلا خاضعا للضريبة، لقاء خصم الإشتراكات التقاعدية من الدخل الشهري للموظف موضحا انه بموجب الإعفاءات المقدمة للأفراد وفق مشروع القانون، لن تفرض ضريبة دخل على المتقاعد الذي يقل راتبه التقاعدي عن الفي دينار شهريا.

وقال ان العبرة من فرض هذه الضريبة هي تحقيق المساواة بين الموظفين والمتقاعدين الذي يزيد دخلهم الشهري على ألفي دينار علما بأن الغالبية العظمى من المتقاعدين وجانب كبير من الموظفين يتم إعفاؤهم من الضريبة بموجب مشروع القانون.

وحول إخضاع مكافأة نهاية الخدمة لضريبة الدخل، قال السالم إن ذلك لن يطبق على الأرصدة الحالية للموظفين، وسيطبق فقط على ماسيترصد لهم بعد سريان مشروع القانون، وبالتالي لا يوجد مبرر لتقديم الاستقالة من المؤسسات التي تعطي مثل هذه الميزة، كما يذهب البعض، للحصول على المبالغ المرصدة لأنها لن تخضع للضريبة.

وأكد أن هدف الحكومة الأساسي من اخضاع القطاعات كافة للضريبة هو المساواة وتحقيق العدالة وإعتبار ضريبة الدخل مسألة سيادية يتساوى فيها فئات المجتمع كافة ولا يمكن اطلاق الاعفاءات بدون وضع سقف لها، فماذا لو أعفينا قطاع الزراعة وحققت شركة ما دخلا بملايين الدنانير.

وماذا لو أعفينا الراتب التقاعدي وحصل متقاعد على راتب تقاعدي يتجاوز 30 ألف دينار شهريا.

وماذا لو أعفينا تعويض نهاية الخدمة وحصل موظف على تعويض بمبلغ مليون دينار مؤكدا ان هذه الحالات واقعية وبقاؤها على هذا الحال فيه محاباة لفئة من فئات المجتمع على حساب الفئات الاخرى.  -(بترا)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد