السوسنة - اهتم الإنسان المصري القديم بواقع حياته المستمدة من حياة النيل بالزراعة والأدوات الزراعية، وقدس الأرض والحيوان فكانت البقرة رمزا للدنيا، تتألف على بطنها الآلاف من النجوم وتمتد الأرض تحت أقدامها، ويعيش عليها الناس والحيوان وينبت الزرع، وكان الإله بتاح قد خلق العالم من قبضة من طين الأرض، وتحكي الأسطورة أن (أوزوريس) حينما اغتيل على يد أخيه ، وأن مياه النيل هي حبات دموع زوجته.
لأن المصري القديم قد آمن بأن الروح لا تفنى بفناء الجسد، فقد حرص دائمًا على حفظ روح الفرعون بمقابر ضخمة تمثلت في الأهرامات التي كانت مظهرًا سرمديًا أبديًا، بل إن الفرعون كان يمنح البركة الإلهية إلى ذويه وأتباعه المخلصين، فيقيم لهم مباني ضخمة تسمى المصاطب، وهكذا كان أمنحوتب في عهد زوس من الآلهة.
وعندما ظهر أمنحوتب الرابع ( اخناتون) في عهد الأسرة الثامنة عشر وحد الديانة المصرية، وجعل آتون ، وهو الشمس الإله الأوحد، وبذلك فصل بين صفة الآلهة وصفة البشر، ومن هنا بدأ التغيير من عند إخناتون، فتم الفصل بين الحياة السرمدي وبناء الأهرامات، فجعل بناءها أحد فنون العمارة فقط.
وقد ظهر فيما بعد آثار الإنقلاب الإخناتوني واضحًا في الفن، فظهرت المعابد المفتوحة إلى السماء والشمس واختفت الكلفة والضخامة من أعمال النحت، ولم تعد القبور معابد بل أصبحت مجرد قبور لا أهمية لها، وهكذا جمعت كلها في وادي الملوك أو ما سمي بوادي الملكات في منطقة “طيبة”، وفي مجال التصوير أصبحنا نرى طول الإنسان أي المقامات أكثر تساميًا، وأصبحت تمتاز بعمق النظرة ولمحاكاة الطبية وللروحانية.
ففي صور إخناتون نرى أنها لا تعد ذات جلال وروعة إلهية، بل أصبحت بشرية، ودلالة على ذلك تمثال إخناتون الموجود في متحف اللوفر في باريس وكذلك رأس زوجته نفرتيتي المعروض في متحف برلين.
ومن كتاب (الفن والحياة لمصر الفرعونية، للكاتب كلير لا لويت)، سردًا مبسطًا عن فترات الحكم المصري :
١. الفن المصري قبل عصر الأسرات ٥٠٠٠ _٣٢٠٠ ق. م :
قبل ظهور الأسرة الأولى التي أسسها مينا نعرمر في مدينة منف، كان الفن قد وصل إلى مستوى رفيع لم يصل إليه بعد أي فن في العالم القديم حتى ذلك التاريخ.
٢. العصر العتيق ٣٢٠٠_٢٧٨٠ ق. م :
ويشمل الأسرتين الأولى والثانية، وقد امتاز هذا العصر بأنه ذو طابع خاص، وبذل الملوك جهود جبارة في إتمام وحدة البلاد وتقويتها.
٣. الدولة القديمة ٢٧٨٠_ ٢٢٨٠ ق. م:
وتشمل الأسر من الثالثة حتى السادسة، ويعتبر عصرها من أعظم عصور مصر، فقد بلغت في البلاد الذروة في الحضارة والفنون، وفيه ظهرت الأهرامات العظيمة، وخاصة هرم زوسر في مدينة سقارة، وكذلك أهرامات الجيزة التي تنسب إلى ثلاثة ملوك الذين تربعوا على عرش مصر خلال الأسرة الرابعة وهم: خوفو، خفرع، منكورع، ولهذا السبب أطلق على عهد الدولة القديمة عصر بناة الأهرامات.
٤. عصر الاضمحلال الأول ٢٢٨٠_٢١٣٤ ق. م:
ويشمل الأسر من السابعة حتى أواخر العاشرة، فلم تكن أيام الأسرة السادسة تنتهي حتى تدهور نظام الدولة، ونشبت الفوضى في داخل البلاد وساد سوء النظام في أرجائها، وبالرغم من ذلك كانت هذه الفترة في تاريخ مصر من العصور الزاهرة بالآثار الأدبية، التي وصل إلينا منها روائع الأدب المصري القديم.
٥.عصر الدولة الوسطى ٢١٣٤_١٧٧٨ ق. م:
وتشمل الأسرتين الحادية عشر والثانية عشر، فقد قدر لمصر مرة ثانية أن تستعيد مجدها، فقد اعتلى عرش الملك ملوك الأسرة الحادية عشر، وهم من سلالة أسرة بنتت في طيبة، وتمكنوا من توحيد البلاد وتوطيد الحكم والنظام، ومنذ حكم ملوك الأسرة الثانية عشر الذين كانوا يسمونهم إما أمنحوتب أو سنوسرت، وابتدأ عصر التقدم في تاريخ البلاد، وقد فتح ملوك هذا العصر المزهر أعالي النيل وقاموا بأعمال عظيمة كبناء اللابرت “قصر التيه” الشهير في منطقة الفيوم، وكذلك ببناء عدد من الحصون والسدود.
٦. عصر الاضمحلال الثاني ١٧٧٨_١٥٧٠ ق. م:
وقد حدث في هذا العصر حدث على كبير من الأهمية، من الجهتين الدينية والسياسية، ذلك اجتياح البلاد من قبائل البدو الساميين بقيادة الهكسوس، فقد انتهزوا فرصة تزعزع الحالة الداخلية في مصر واستولوا عليها بسهولة وأصبحوا أصحاب السيادة فيها قرنا من الزمان، وقد هدموا معابدها وأذاقوا المصريين الهوان، وقد كان النهوض بالبلاد ثانية وطرد الغزاة مهمة صعبة استطاعت مصر إنجازها على يد الملك (أحمس الأول)، ومن هذه الآونه انفتح عصر جديد من المجد تمثلت فيه عظمة مصر وهو ما يسمى بالدولة الحديثة.
٧. الدولة الحديثة ١٥٧٠_١٠٨٠ ق. م:
ويبدأ هذا العصر من الأسرة الثامنة عشر وينتهي بالأسرة العشرين وفيه نرى ملوك الأسرة الثامنة عشرة يقودون الجيوش إلى آسيا ويبنوا الإمبراطورية المصرية، ومن ثم أخذت العلاقات المتينة تنمو بين مصر وأمن الشرق المتمدنة، وبخاصة آشور وبابل، كما توطدت الصلات بينها وبين جزر البحر المتوسط، وقد كان لهذا الإختلاط أثر واضح في حياة الأمة فنياً واجتماعياً، وبدأ عصر الإزدهار للعمرة المصرية، ولعل معبدي الأقصر والكرنك ومعبد الدير البحري ومقابر البر الغربي في طيبة خير شاهد على ذلك، ويمثل الأثاث الجنائزي للملك توت عنخ أمون التقدم الحضاري لهذه الأسرة في أمور المعيشة.
ويعتبر المأرخون قصر رمسيس الثاني بداية لعصر الإمبراطورية الثانية، الذي يتميز بإنتصارات حربية وحملات على بلدان الشام، ويعتبر رمسيس الثاني أعظم ملوك الفراعنة في تشييد المعابد على طول الوادي.
٨. العصر المتأخر ١٠٨٠_٣٣٢ ق. م:
بالرغم من الإنتصارات الحربية التي أحرزها زعماء الأسرة العشرين لم يكن في مقدورهم إيقاف تيار الإضمحلال، وكان من جراء هذا أن استولى كهنة طيبة على العرش، ولكن لم تدم مدة حكمهم طويلاً، إذ انتزع رؤساء الجيش من الجنود المرتزقة الحكم، ثم أخذت البلاد بالإنحطاط تدريجيًا، وانقسمت إلى إمارات صغيرة، ثم استولى على العرش أيضاً ملوك النوبة الذين انحدروا من الجنوب، وغزوا وادي النيل وجلوا ملوك آشور بعد ذلك واستولوا على مصر.
٩. العصر البطلمي ٣٣٢_٣٠ ق. م:
إن أكبر أثر في للإسكندر في مصر هو المدينة الضخمة التي تحمل اسمه وهي الإسكندرية، وقد سبق هذا تتويج نفسه في معبد بتاح بمدينة منف على نهج الفراعنة لكي يظهر في ثوب ملك شرعي لمصر، ووضع نظامًا دقيقًا للحكم ثم تركها في عام ٣٣١ ق. م وذهب إلى آسيا، إلى أن مات في بابل عام ٣٢٣ق.م.
١٠. العصر الروماني ٣٠ق.م _٢٨٤م:
بدأ الإنحطاط التدريجي يحل بملوك الأسرة البطلمية، فانغمسوا في الترف والرذائل، حتى أخذ نفوذ روما يزداد تدريجياً، عندما إرتقت كيلوبترا السابعة على العرش عام ٥١ ق.م، لعبت دوراً كادت أن تجني من ورائه إمبراطورية عظيمة على حساب الرومان، مما أفضى إلى الصراع الذي أدى إلى القضاء على البطالمة وسقوط الإسكندرية عام ٣٠ ق. م.
أعلن الإمبراطور قسطنطين عام ٣٠٥م المسيحية دينا رسميآ للبلاد، فشيدت بعض الكنائس على المعابد، التي لم تهدم وبذلك انتهت عمارة المعابد المصرية، ولم يبنى جديداً منها، وعرف هذا العصر بالعصر البيزنطي.