السوسنة - مازال الفضاء يشكل لغزا مثيرا للبشرية، وفي كل مرة ينجح العلماء في حل لغز، تنشأ عشرات الألغاز الجديدة المتعلقة بالكون، خصوصا تلك المتعلقة بنشأة الكواكب.
ففي أوائل العام 2019، تمكنت مركبة الفضاء "نيوهورايزنز" من تصوير كويكب غريب الشكل في حزام كايبر الكلاسيكي على حافة نظامنا الشمسي.
ولفت الكويكب الذي صورته نيوهورايزنز وعرف في البداية باسم "ألتيما ثولي" قبل أن تعاد تسميته إلى "أروكوث"، اهتمام العلماء في وكالة ناسا، إلى حد أنهم قالوا إنه سيغير فهمنا لكيفية تشكل الكواكب.
يشار إلى أن الكويكب، الذي يشبه "رجل الثلج"، أصبح أكثر الأجرام البعيدة التي استكشفتها البشرية على الإطلاق، عندما حلقت المركبة نيوهورايزنز بالقرب منه قبل أكثر من عام، حيث يبعد قرابة 7 مليارات كيلومتر عن الأرض.
ويقدم "رجل الثلج" الغامض هذا للعلماء أدلة مثيرة حول تكوين الكواكب بما في ذلك الأرض، من خلال البيانات التي أرسلتها المركبة الفضائية عنه.
ومن بين الأمور الغريبة المتعلقة به، أنه من بين أقل الكويكبات حفرا أو فوهات على سطحه، أو أنه يعكس بالكامل، على الأرجح، الأشعة تحت الحمراء عنه، وهو أمر شائع في منطقة الشفق البعيدة في النظام الشمسي.
وقال عالم الفلك في مرصد لويل في فلاغستاف بولاية أريزونا وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة، ويل غروندي، إن "معدل البيانات بطيء، بصورة مؤلمة، من تلك المسافة".
وأضاف غروندي، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إنه بالنسبة إلى العين البشرية، فإن أروكوث "يبدو أقل احمرارا ويميل أكثر إلى اللون البني الداكن، مثل دبس السكر، فاللون المائل إلى الحمرة يدل على الجزيئات العضوية".
وفي حين يوجد الميثان المتجمد على الكويكب، فإنه لم يتم اكتشاف الماء على سطحه الذي يقدر طوله، من الحافة إلى الحافة، بحدود 36 كيلومترا، بينما يبلغ عرضه حوالي 20 كيلومترا.
وفي مؤتمر صحفي في سياتل الخميس، قال كبير علماء المركبة نيوهورايزنز، ألان ستيرن، من معهد أبحاث ساوثويست، إن حجمه يعادل تقريبا حجم مدينة عادية.
بالنسبة لشكل "رجل الثلج"، فإنه ليس مسطحا تقريبا على الجانب الخلفي كما كان يعتقد سابقا، كما أنه ليس الجزء الصغير منه ولا الكبير مستدير تماما، لكنه أشبه أيضا بالفطيرة المفلطحة كما قال العلماء قبل عام.
وبالنسبة إلى العلماء، فإن العدد القليل من الفجوات أو الفوهات فيه يشير إلى أن نشأة أروكوث تعود إلى فترة تشكل النظام الشمسي قبل 4.5 مليار سنة، ومن المحتمل أنه نشأ بواسطة اندماج بطيء ولطيف بين جسمين فضائيين منفصلين، ربما كانا يدوران حول بعضهما بعضا.
ومن المحتمل أن يكون هذا النوع من الاندماج البطيء نشأن من انهيار الغيوم في السديم الشمسي، على عكس التصادمات الشديدة التي حدثت أثناء تشكل الكواكب والكوكبيات.
وكانت المركبة نيوهورايزنز، التي أطلقتها ناسا عام 2006، حلقت بالقرب من أروكوث في الأول من يناير 2019، بعد أكثر من 3 سنوات من زيارتها للكوكب بلوتو.
يشار إلى نيوهورايزنز أصبحت حاليا على بعد 509 ملايين كيلومتر عن الكويكب أروكوث، ولذلك، فإن فريق العلماء يبحث عن أهداف محتملة أخرى للتحقيق فيها، ويستخدم في ذلك التلسكوبات الأرضية القوية التي لا تزال قيد الإنشاء.
ووفقا لستيرن، فإن التكنولوجيا الناشئة قد تتيح للعلماء تطوير مهمة يمكن أن تضع مركبة فضائية في مدار حول الكوكب بلوتو، على بعد 5 مليارات كيلومتر.
وقال ستيرن إنه بعد بضع سنوات، يمكن إرسال المركبة الفضائية نفسها إلى عمق أكبر في حزام كايبر للتحقق من كواكب قزمة وأجرام فضائية أخرى.
أبلغ علماء نيوهورايزن عن آخر ما توصلوا إليه في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للتقدم العلمي، وكذلك في ثلاث ورقات منفصلة في مجلة العلوم.
ونشر علماء نيوهورايزونز نتائج أبحاثهم الأخيرة في الاجتماعي السنوي للاتحاد الأميركي لتقدم العلوم، وكذلك في 3 أبحاث منفصلة أخرى في مجلة "علوم".