على جميع الأغنياء في هذا العالم أن يعلموا جيداً أن ما يملكون من أموال ومن عقارات وغيرها كلها من رزق الله وليس بشطارة أحد منهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ(البقرة: 254))، وذلك لأن الله كتب لكل مخلوق من بني آدم عمره ورزقه وسعيد أم شقي عندما بلغ مائة وعشرين يوماً في رحم أمه. ورزق كل إنسان في السماء وليس في الأرض حتى لا يتحكم إنسان برزق إنسان آخر لأن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسَّهُ الشر جزوعاً ( إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلَّا الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ، وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ(المعارج: 19 – 27)). فقال الله في كتابه العزيز (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ(الذاريات: 22 و 23)).
كما طلب الله من الأغنياء الذين ينفقون ويتصدقون عندما يخرجون زكاة أموالهم للفقراء من أي نوع أن لا يتمننون عليهم لا في السر ولا في العلن لأن ذلك يلحق بالفقير الأذى النفسي ولا يبقى للغني من أجره شيئاً (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة: 262)). وأن تكون أفضل ما عنده من المال أو البضاعة أو الحبوب أو ... أو ... إلخ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (البقرة: 267)). لأن الغني عندما يقدم للفقير أي شيء يقدم هذا الشيء لله ملك الملوك وليس للفقير. فعلى الغني أن يفكر لو كان يريد أن يقدم هدية لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ماذا سيقدم؟ أكيد سيقدم أفضل ما يستطيع الحصول عليه وكذلك لو كان يريد أن يقدم هدية لدولة رئيس الوزراء أو ... أو ... من الشخصيات المعروفة. فما بالك أيها الغني أنك تقدم لملك الملوك الله سبحانة وتعالى الذي أعطاك كل ما تملك؟.
وآخيراً وليس آخراً يوضح الله أفضلية وأولوية وقت توزيع ما ينفقه الأغنياء على الفقراء مراعياً رب العزة والجلالة للشعور النفسي للفقراء (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة: 274)). فأعطى الله أولوية للإنفاق على الفقراء بالليل لأنه أستر من النهار وبالسر أفضل من العلن حتى يكون الأجر كاملاً للغني ولا ينقص منه مقدار قطمير. أما الغني الذي يرغب في أن يظهر أمام الناس ما يقدمه للفقراء ليقول الناس عنه فعل كذا وكذا وعلى حساب ربِّ العالمين فلا ينال من عمله إلا الشهرة في الدنيا عند عباد الله فقط وسيحاسب على ما ألحقة من أذى نفسي ومعنوي في الفقير والمحتاج.