لقد خلق الله الإنسان وأحسن خلقه (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (التين:4)) وجعل له عينين ولساناً وشفتين ( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ، وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (البلد: 8 و 9)) وأنف فيه منخارين وحواجب ... إلخ في مساحة لا تتعدى مهما كبر وجه الإنسان 30 سم في 20 سم ولقد أحسن الله خلقه لهذا الإنسان بأفضل المقاييس الدقيقة جدا التي لا يقدر عليها أي إنسان مهما بلغ عنده من قدرة التصميم وتفوق الأجهزة الحاسوبية الخاصة بالتصميم. ففي خلق الله لعباده من مختلف الجنسيات والألسن والألوان بالمليارات لم تجد شخص في العالم يشبه تماماً شخصاً آخر في وجهه مهما بلغ التشابه حتى بين ألتوأمين. نعم تجد في الصين الوجوه تتشابه كثيراً ولكن ليس تماماً. فهذه بحد ذاتها تحدي ومعجزة لعباد الله ممن يدعون أنهم يستطيعون أن يصنعوا الروبات المتكلم والمتحرك والذي ينفذ تعليمات مبرمجة له. فهل هم قادرون على أن يصنعوا آلاف من الروباتات التي تختلف تماماً في وجوهها عن بعضها البعض؟.
ولا أريد أن أتكلم عن بصمة إبهام أو أصابع يد الإنسان على صغر مساعتها أيضاً التي لا تتعدى مساحتها عن 3.5 في 1.5 سم. فلا يوجد إنسان في العالم بأسره بصمات أصابع يده تشبه بصمات أصابع يد إنسان آخر (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ،ٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (القيامة: 3 و 4)). هناك معجزات أخرى في خلق هذا الإنسان في عيونه وفي عقله وفي قلبه وفي رئتيه ... إلخ ما يجعل الأطباء في العالم يعجزون عن صنع أي منها. ويقول البعض: أنه لا يوجد خالق لهذا الكون! وأن الكون أتى من عدم!. كيف تريدون أن تصنعوا روباتات تقلدون فيها خلق الإنسان؟ لماذا لا تُصْنَع هذه الروباتات أو مخلوقات أخرى تتمنون أن تكون موجوده معكم من العدم كما تدعون؟. قبل أن تحاولوا صنع إنسان، لماذا لا تحاولون أن تصنعوا بعوضة كما تحداكم الله في كتابه العزيز القرآن الكريم (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (البقرة: 26)). وهذه البعوضه تتحدى أكبركم في قدرتها على إمتصاص دمائكم وأنتم لا تشعرون، هل تستطيعون أن تمنعوها من مص دمائكم في الليل وأنتم نائمون أو في النهار وأنتم مستيقذون؟. لماذا لا تحاولون أن تصنعوا نمله أو ذبابة؟ لا أقول خلق نمله أو ذبابة لأنه لا يستطيع أن يخلق إلا الله سبحانه وتعالى. وهل تستطيعون أن تسترجعوا ما سلبه منكم الذباب (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ(الحج: 73)).
ما ذكرنا من مخلوقات كلها ترى في العين المجرده ولم نذكر ما دق من مخلوقات رب العالمين مثل الفيروسات التي لا ترى إلا في الميكروسكوبات. فنحن نقول لكل من لا يؤمن بالله عليك بالتفكير ملياً في هذا الكون وما زودك الله فيه من آيات عظام لتتيقن بنفسك بأن هذا الكون وما فيه من مخلوقات دقيقة مثل الفيروسات وعظيمة مثل الكواكب والنجوم والمجرات هي من خالق ومدير ومدبر لها ولا يمكن أن تكون قد خلقت من العدم أو عبثاً. لأنه لو كان كذلك لما إستمرت حتى هذا الوقت من ملايين السنين في نظام محكم ودقيق. فالله (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الحشر: 24)). لقد ضربنا مثلاً هنا عن وجه الإنسان لأنه يميزه عن غير خلق الله من مختلف أنواعها ولو طمست وجوه البشر لما كان بقدرتنا أن نتعرف على بعضنا البعض كأفراد عائلة أو كجيران أو كأقارب أو كزملاء في العمل أو في السوق ... إلخ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا(النساء: 47)). فنسأل الله الهداية لجميع خلق الله من بني آدم وزوجه عليهما السلام.