السوسنة - خلق الله في هذ الكون الشاسع شمس واحدة وقمرا واحداً وليس قمراً وشمساً لكل منطقة في الكرة الأرضية وهذا بحد ذاته أول مؤشر على وحدانية الخالق (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (الأنبياء: 33))، (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا(الفرقان: 61)). والسراج هو الشمس. وقال الله تعالى أيضاً (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (يس: 40)). ونعلم أن الكرة الأرضية تتحرك حول نفسها وتولد لنا الليل والنهار وتتحرك حول الشمس وتولد لنا الفصول الأربعة خلال العام. ولكون الكرة الأرضية بيضاوية الشكل فيختلف فيها طول ساعات الليل والنهار من مكان في الكرة الأرضية إلى مكان آخر. ولهذا السبب فيمكن أن يكون الليل طويلاً في بعض المناطق يستمر لستة أشهر وكذلك النهار يستمر لستة أشهر أخرى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة: 36)) مثل السويد من الدول الإسكندنافية (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (القصص: 71 و 72)). كما ويختلف المناخ من منطقة إلى أخرى في الكرة الأرضية وفق موقعها عند دورانها حول الشمس (دول خط الإستواء وغيرها).
ولكن موضوعنا في هذه المقالة هو أن شروق الشمس وغروبها في نفس المكان يكون واحداً في أي موقع من مواقع الكرة الأرضية في فصل الصيف مثلاً وكذلك في فصل الشتاء ولهذا يقول الله في كتابه العزيز رب المشرق والمغرب (رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (المزَّمل: 9)). ولكن يختلف شروق الشمس وغروبها في نفس المكان في فصل الصيف عن فصل الشتاء فيكون شروقها مبكراً في فصل الصيف وغروبها متأخراً فيكون عدد ساعات النهار طويلة وعدد ساعات الليل قليلة. وأما في فصل الشتاء فيحدث العكس فتكون عدد ساعات النهار قليلة وعدد ساعات الليل طويلة وهذا يكون في موسم قطف الزيتون وعصره ولهذا يقول المثل العامي: وقت الزيت والزيتون أصبحت أمسيت أي لا نهار ولكن الليل طويلا وها نحن الآن في وقت الزيت والزيتون في أردننا العزيز. ولهذا السبب تقوم الحكومة بتغيير التوقيت في الشتاء (التوقيت الشتوي تأخير الساعة ساعة واحدة) وفي الصيف (التوقيت الصيفي تقديم الساعة ساعة واحدة). ولكن قول الله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (المعارج: 40))، وهذا يعني أن كل مكان في الكرة الأرضية له وقت لشروق الشمس فيه وله وقت لغروبها فيه يختلف عن الأماكن الأخرى ولهذا السبب ذكرت المشارق والمغارب.
فمما تقدم نعلم أن الله هو واحد في جميع بقاع الأرض وليس هناك إله غيره فهو رب المشرق والمغرب ورب المشرقين والمغربين ورب المشارق والمغارب. وأكبر دليل عى ذلك هو أن الشمس تشرق في جميع بقاع الأرض من الشرق وتغرب من الغرب ولا يستطيع أحد في هذا الكون أن يغير هذا النظام وأكبر دليل على ذلك عندما تحاجج سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود وكما توضحه هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة: 258)). فكل ما ذكرنا في هذه المقالة عن شروق الشمس وغروبها يؤكد وحدانية الخالق سبحانه وتعالى.