خلقنا الله شعوباً وقبائل من مختلف المنابت والأصول حتى لو كان أبانا واحداً سيدنا آدم عليه السلام وأمنا واحدة وهي زوجه. ويوجد هناك إختلافات بين الأمم والشعوب في التفكير والمبادئ والخلق والتصرفات والعادات والتقاليد. فمثلاً عادات الشعب الأمريكي غير عادات الشعوب الأوروبية حتى لو تشابهت ببعض أساليب الحياة فيها. ولكن حتى في أوروبا نفسها هناك إختلافات بين شعوب بلدانها في عاداتهم وتقاليدهم فأهل بريطانيا يختلفون عن أهل فرنسا أو ألمانيا وهكذا. وكذلك هناك إختلافات بين شعوب آسيا وأفريقيا ... إلخ في العادات والتقاليد. ومما تقدم فالإنسان قبل أن يقدم على مناسبة أي فتاه أو مصاهرة أي إنسان عليه أن يتأكد من توافق المعتقد والعادات والتقاليد والمبادئ والأخلاق وأسلوب الحياة ... إلخ. فالغنى هو غنى النفس عن كل شيء يراه الناس غير طبيعي وغير مقبول في المجتمع (مجتمع كل إنسان وفق موقعه في العالم) حتى لو كان فقيراً.
الغني أباً عن جداً يكون قد شبع تقريباً من كل شيء ولا يطمع في أي شيء من مغريات هذه الدنيا. أما الفقير والجوعان إذا لم يتوفر لديه غنى النفس فيكون ناقماً وحاسداً لكل من حوله ممن عندهم خيرات من نعم رب العالمين أكثر منه، ويتمنى أن يكون ما بين أيديهم عنده. ومهما رزقه الله فيما بعد من رزق يطلب المزيد ولا يشبع لأن مبدأ القناعة مفقود عنده من الأساس ولكن لو كان عنده غنى النفس ومبدأ القناعة في أساس نشأته يقتنع من أي رزق يرزقه الله ويقول الحمد لله ولا ينظر لما عند الآخرين. والذي ينظر بعين حاسدة وفارغة لما عند الآخرين ليس مؤمناً بأن الرزق لكل إنسان مكتوب له منذ أن بلغ في رحم أمه مائة وعشرون يوماً وأنه في السماء وليس في الأرض ولكن عليه أن يسعى من أجل الحصول عليه (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و 23)). والقناعة كنز لا يفنى.
فيجب على الإنسان أن يتحرى جيدا من يخطب من الفتيات وخصوصاً من ناحية الأم أولاً والأب ثانياً، والإخوة والأخوات ثالثاً والعائلة أو العشيرة بشكل عام رابعاً. والإنسان البخيل لا يمكن مناسبته وبالخصوص إذا كان فقيراً وأصبح غنياً حديثاً. فإنه مهما قدم الخاطب لإبنته في نظره قليلاً ويطمع في الزيادة وكلمة القناعة غير موجودة في قاموسه. ويحاول أن يغتني من زواج إبنته ويحاول تقليد الأغنياء بكل أمور حياته لأنه يريد أن يملئ النقص الكبير الذي كان يفتقده عندما كان فقيراً. والحب للفتاه في هذه الحالة مهما كان لا يكفي لنجاح الحياة الزوجية لأن ممارسات الطمع والجشع والإستغلال من قبل أهل الفتاة يؤدي إلى طلاق الفتاه من زوجها. وللعلم أن هناك كثيراً من الناس وخصوصاً الذين اصبحوا أغنياء من الحروب أو مصائب الآخرين يستغلون فتياتهم للكسب من الخطاب، يقومون بالموافقة على خطبة إبنتهم من بعض الأشخاص ويستغلونهم بدفع المهور ومن ثم يستخدمون أساليب دنيئة ووضيعة للضغط على الخاطب حتى يطلق إبنتهم ومن ثم لا يردون له أي مما دفع لهم من المال وهكذا.
وفي المقابل هناك ذكوراً يطمعون في خطبة بنات الأغنياء طمعاً في الحصول على مما عندهم من أموال أو مقتنيات. ولكن إذا كان هذا الغني جوعاناً فسوف لا يستفيد الخاطب لا منه ولا من إبنته أي شيء وسيندم على زواجه من إبنته لأنه سينقلب السحر على الساحر وسيطمع فيه والد الفتاة. وكما قلنا وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: خذوهم فقراء يغنيكم الله،. فحسبنا الله ونعم الوكيل على جميع من يستغل الذكور عند خطبة بناتهم وكذلك العكس. وكما ذكرنا القناعة كنز لا يفنى وعلى الإنسان أن يتمسك ويخطب صاحبة الدين والذي يأخذ صاحبة الدين يكون هو الكسبان على كل الأوجه.