الغش أو الإحتيال هو أن يخدع شخصاً ما ( وهو الغشَّاش) أو يحرم فرداً آخر من حق أو منفعة عن عمد بطرق وأساليب احتيالية، كحصول الغشاش على بضائع أو مواد من تاجر مقابل إعطائه شيكاً مزوراً أو غير مغطى برصيد كافٍ لدى البنك. وفي المقابل أن تكون البضاعة أو المواد التي بيعت للمشتري غير سليمة ومغشوشة بمواد أخرى غير المتفق عليها مثل الغش في زيت الزيتون واللبن والعسل وتوجيه بُكَسُ الخضار والفواكه بالجيد والممتاز منها وإخفاء السيء في أسفل البكس وغيرها من المواد التموينية المنتهي مدة صلاحيتها، وفي القانون المدني يعاقب الشخص الذي يثبت أنه قام بعملية غش. والإحتيال كلمة مرادفة للنصب وهو الإتيان بحيلة للإستيلاء على ما يملك الغير برضاهم وخداعهم أو حرمانهم مما هم فيه من نعمة، وهو مختلف عن علم الحيل أو علم الميكانيكا عند العرب والذي يهدف لحل المشكلات باختراع الآلات. وأول المحتالين في الكون كان الشيطان الرجيم حينما إحتال على آدم وزوجه وتسبب في خروجهما من الجنة، وكل محتال من بني آدم هو شيطان ولكن من شياطين الإنس (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (الأنعام: 112)).
وإحتال فرعون على شعبه وأعانه الكهنة فعبدوه واعتبروه إلها وقديما احتال قارون وجمع مال تنؤ بحمل مفاتحه العصبة أولي القوة وإغتر بعلمه وماله وادعى أنه حصل عليه على علم عنده وحسده قليلي العقل ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (القصص: 28)). ولم ينفعه ماله واحتياله على الناس عندما خسف الله به وبداره الأرض وندم حساده. وأمثله على طرق إحتياله: التطفيف في الميزان، كان يشتري من الناس بأوزان (أثقال ثقيلة) ويبيع للناس بأوزان (أثقال خفيفة)، ( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (المطففين: 1-4)) وقيل أنه حول المعادن الخسيسة لمعادن نفيسة ... إلخ.
وهناك أنواع كثيرة من الغش والإحتيال على الناس مثل الذي يغش الخاطب بإبنته ويخفي ما عندها من أمراض نفسية أو عضوية ومن سوء خلق أو العكس. أو في حالة ما يطلب شخص من آخر إستشارة قانونية أو فنية أو علميه ... إلخ ويغشه ولم يكن له ناصحاً أميناً في نصيحته له. أو عندما يُضَمِّن صاحب مزرعة مزرعته لشخص معين ويغشه ويحتال عليه في غلال المزرعة ولم يكن صادقاً معه في نتاج المزرعة. وهناك أنواع كثيرة من الغش أيضاً مثل الغش في الإمتحانات في المدارس والكليات والجامعات أو في إمتحانات القبولات في بعض الكليات المهمة جداً في الجامعات مثل الطب وغيرها. فالغش بكل أنواعه غير مبارك فيه من الله وسيعاقب عليه الغشاش من الله قبل أن يُكْشَف أمره من قبل الناس ويعاقبه عليه القانون أو ينتقم منه الأشخاص الذين غشهم. قال الرسول عليه الصلاة والسلام: من غش فليس منا، أي من غش أي إنسان من خلق الله بغض النظر عن حنسيته أو لغته أو ديانته أو معتقده. وأي أمة ينتشر بين أفرادها الغش لا تتقدم خطوة للأمام بل سترفض كل الأمم التعامل معها وتعزل نفسها عن كل ما هو مفيد لها وموجود بين أيادي الأمم الأخرى.
والأجدر بنا كمسلمين أن لا نغش في أي بضاعة من بضائعنا ولا في العلم ولا في النصيحة ولا في أي تعامل بيننا وبين أي إنسان في هذا العالم لأن الدين النصيحة، وكان رسولنا عليه الصلاة والسلام معروفاً بالصادق الأمين من قبل أن يبعث رسولاً. وقد إنتشر الإسلام في العالم عن طريق التجار بصدقهم وأمانتهم في التعامل مع غيرهم من الناس من مختلف الجنسيات والأديان والأعراق. والملاحظ هذه الأيام أن كل صفات المسلمين الممتازه إنتقلت للأمم الأخرى ونسيها المسلمون للأسف الشديد.