السوسنة - يكون الهيكل إلإداري لأي مؤسسة بشكل هرمي، فلو اخذنا مثلاً رئاسة الوزراء يكون رئيس الوزراء رأس الهرم ومن ثم المستوى الذي يليه نواب الرئيس ومستشاريه ومساعديه والمستوى الذي يليه مدراء المكاتب المختلفة ومن ثم السكرتاريا العليا ويليه الموظفين الإداريين ... إلخ. وينسحب هذا النظام على كل وزارة أو قيادة الجيش أو مديريات الأمن العام والدفاع المدني والمؤسسات العامة والهيئات المختلفة. فعندما يتم تعيين راس الهرم في أي مما ذكرنا، تبدأ الواسطات والعلاقات والمحسوبيات في التواصل مع رأس الهرم للتدخل في تعييناته لفريق عمله حتى لو كان هناك عدم إنسجام وتوافق بين من يتم تعيينهم. فإذا كانت هناك خلافات جوهرية بين أعضاء فريق العمل تبدأ الخلافات تظهر بينهم من خلال تنفيذ العمل ومن خلال إجراء المعاملات. ومهما يحاول الأشخاص المختلفين إخفاء خلافاتهم إلا انها ستظهر ولو بعد حين لأن التصنع مهما طال فحبله قصير، ممكن أن يستمر التصنع لأسبوع لشهر ولعدة أشهر ولكن بعد ذلك لا بد أن يظهر. لأن نفوس البشر معظمها أمارة بالسوء فكيف تكون نفوس الذين بينهم خلافات جوهرية من حيث المبادئ أو المصالح؟!.
سيكون الضحايا الأوائل لإختلاف الإداريين هم المواطنين او المراجعين لأولئك الإداريين عن طريق تأخير تنفيذ معاملاتهم أو عدم الموافقة عليها ليس لنقص في المعاملة أو عدم شرعيتها ولكن ليناكف إداري آخر على خلاف معه تكون إجراءات المعاملة متوزعة بينه وبين الآخر. والضحايا من النوع الثاني هو الموظفين في المؤسسة المعنية في الترقيات والتنقلات والإجازات وغيرها. والضحية الثالثة هي المؤسسة ينعكس عليها تأخير في إنجازاتها وأعمالها وإفشال مخططاتها الإستيراتيجية لإرضاء رغبات بعض الإداريين المختلفين بغض النظر عن عواقب تلك الأعمال. وهنا تتجلى بكل ما في الكلمة من معنى الأنانية العالية والمصالح الخاصة وإهمال المصلحة العامة سواء كان لموظفين المؤسسة أو المواطنين المراجعين لتلك المؤسسة. وستستمر المناكفات بين الإداريين وربما تزداد شيئاً فشيئاً وتنتقل أخبار الخلافات للصحف والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي ونقول بالعامية وإسمحوا لي بذلك: طلعت ريحتهم خارج المؤسسة وأصبح الكل يعلم بها وليس هناك أي مجال لتغطية والتستر على الخلافات.
فرأس الهرم يحاول مرة ومرَّات عديدة لحل الخلافات ولكن بدون جدوى ويصبح بدلاً أن يركز على عمله الإداري في إدارة أمور المؤسسة وتطويرها معظم وقته مستغل في حل خلافات فريق عمله. ولا يجرؤ رأس الهرم على إنهاء عمل أيٍ ممن عينهم لأن في ذلك طعن مباشر في إختياره وإدارته، لأنه لا يرغب في أن يقال عنه قد فشل إدارياً في تعييناته أو حل المشاكل التي بين أعضاء فريق عمله. مما يؤدي في النهاية إلى تقديم بعض الإداريين إستقالاتهم من عملهم تفادياً لتفاقم الأمر أكثر مما وصل إليه وكل من يتخذ هذا القرار من الإداريين المختلفين قد عمل عين الصواب. وهذا الأمر يتم بعد أن يكون قد لحق الضرر والخسارة في المؤسسة والموظفين في المؤسسة والمراجعين للمؤسسة والدولة. لماذا يا مسؤولينا وجهاتنا الرسمية المتنفذه وأهلنا وعشائرنا الأكارم ويا متنفذين من الأعيان والنواب مع حفظ الألقاب لا نترك رأس الهرم يختار فريق عمله بنفسه ويكون مسؤولاً هو وفريق عمله أمام الجهات الرسمية والناس أجمعين عن تنفيذ خطة عمله الإستيراتيجية التي وضعها لوزارته او مؤسسته أو مديريته. وبذلك لا يكون له ولا لفريق عمله أي عذر في أي تقصير، ونكافئه إذا كان ناجحاً وعكس ذلك يكون إنهاء عمله مسبباً ومقنعاً للجميع ولا يتهم أحد بعنصرية أو عدائية أو منفعية ... إلخ في إنهاء عمل أي أشخاص أو في تعييناتهم. وليكن شعارنا كما قال جلالة الملك المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال: فلنبْن هذا البلد ولنخدم هذه الأمّة. والمصلحة العامة هي دائماً هدفنا لأننا من خلالها نحصل على مصالحنا الخاصة وتعمر البلد وليس بالعكس.