نحن في عالمنا الإسلامي والعربي بحاجه ماسة إلى دروس ثقافية تعطى لطلبتنا في المدارس والكليات والجامعات قبل أن يتخرجوا ويستلموا أي وظيفة عامة أو خاصة في أي جهة رسمية أو خاصة. وذلك لأن معظم الموظفين في مؤسساتنا الحكومية والخاصة ليس لديهم ثقافة التعامل الصحيح مع المواطنين الذين يراجعون المؤسسات المعنية في معاملات تخصهم. وأكثر الموظفين الذين يتعامل معهم المواطنين هم موظفي المؤسسات الحكومية ولنضرب مثلاً مصلحة المياة او مصلحة الكهرباء أو غيرهما. فيعتقد الموظف في هذه المؤسسات أن المراجع بحاجته ويجب عليه أن يخضع لأوامره وينتظر طويلاً على الدور حتى ينجز معاملته. ولا يكترث فيما إذا كان وقت الإنتظار طويلا أو فيما إذا كان المراجع أنثى أو ذكرا كبيرا بالسن أو شابا، وفيما إذا كان المراجع لديه إلتزامات مهمه أم لا ... إلخ. والأدهى والأمر من ذلك أن الموظف المعني بالأمر لا يكلف خاطره ويسأل المراجع فيما إذا كان بحاجه لمساعدة أم لا. وإذا سأل المراجع الموظف فيما إذا كان يستطيع أن يساعده يشخط وينطر ويجيب بجلافة: مش عندي معاملتك عند جاري وجاري مش موجود إنتظر حتى يحضر ويكون بإستطاعته مساعدته ولا يفعل. أو يجيبه عندي ولكن إنتظر قليلاً حتى أفرغ من عملي وهو لا يعمل شيء إنما فقط مشغول على هاتفه الخلوي يتحدث مع شخص ما أو يرسل رسالة أو واتس أب أو غيره (إستهتار بالمراجع بكل ما في الكلمة من معنى).
كثيرا من مواطنينا لهم أولاد أو أقارب عاشوا خلال دراستهم أو خلال زيارتهم لبلدان أجنبية، ونقلوا لهم كيف تتم إجراء المعاملات في تلك الدول، وكيف يتعامل الموظف العام مع المراجعين. ولماذا لا نكون مثل غيرنا في تحمل المسؤولية العامة ونخدم مواطنينا بكل أمانة وإخلاص ووفاء وإحترام وتقدير. هل نحصل على الوظيفة حتى نتجبر بالمراجعين ونمارس في وظائفنا كل أساليب الحقد والإنتقام في التعامل مع المراجعين؟ ولماذا؟. في الدول الأجنبية عندما يراجع أي شخص سواء أكان مواطن أو مقيم أو زائر أي جهة حكومية أو خاصة، يستقبله الموظف بشكل سريع ويقول له: ممكن أساعدك؟، وقبل ان يسأل المراجع الموظف فيما إذا كان يستطيع أن يساعده. ويقوم بمساعدة المراجع إذا كان الأمر من مهامه أو يوجهه بشكل صحيح للجهة التي يجب أن يراجعها. هكذا يجب أن يكون دور أي موظف في أي جهة حكومية أو خاصة في بلادنا وليس من مهمة المراجع أن يسأل عن الموظف المعني بأمر معاملته ويبحث عنه ولم يجده وغيره من زملائه يغطون على تغيبه وتقصيره ويقولون في الحمام أو عند المدير أو ذهب لمراجعة الطبيب أو غيرها من الأعذار الواهية. والأغرب من ذلك أن الموظف في عالمنا الإسلامي والعربي يسأل المراجع عن تفاصيل حياته وعمله ووظيفته ويربط إنجاز معاملته بخدمه يطلبها من المراجع... إلخ.
فنطالب من المدراء العامون أو قمة الهرم في أي مؤسسة حكومية أو خاصة بتوجيه مدراء الدوائر لديهم بحضور دورات تدريبية عن ثقافة الوظيفة العامة وعن سلوكيات الموظف العام. ويجب أن يفهم الجميع أن موظفي أي مؤسسه من رأس الهرم حتى القاعدة تم توظيفهم لخدمة المراجعين والمواطنين وليس العكس ليقوم المواطنين بخدمتهم. وعليهم أن يعلموا جميعاً أن رواتبهم التي يتقاضونها هي من الضرائب التي يدفعها المواطنين المكلفين بدفع الضريية. وإسمحوا لنا أن نقول أن المواطنين هم الداعمون لكل الوظائف العامة في أي دولة ولهذا يجب أن يتم الإهتمام بهم وإحترامهم وتقديم كل الخدمات التي يحتاجونها بكل يسر وبدون متاعب. وننصح جميع الجهات الرسمية بتركيب كاميرات على كل المكاتب التي لها دور كبير في التعامل مع المواطنين لمراقبة الموظفين والمراجعين معاً حتى لا يتم هضم حق أي طرف. وبهذا الأسلوب نجبر الموظفين بالقيام بوظائفهم على أكمل وجه وعدم التجاوز في تعاملهم مع المراجعين ونضمن إنجاز العمل بدون مضيعة للوقت. وليعلم الجميع أن وقت العمل هو للعمل وليس للقيام بأعمال أخرى لا تمت بصله للوظيفة التي عين عليها الموظف من قريب أو بعيد. وإذا لم يلتزم الموظف بالأعمال والسلوكيات المطلوبه منه في وظيفته بعد توجيهه ونصحه، يمكن الإستغناء عنه وتعيين من ينتظر على الدور في الحصول على الوظيفة. ولكن الملاحظ في وقتنا الحاضر أن أي شخص بعد حصوله على الوظيفة لا أحد يستطيع إنهاء عمله مهما كان عنده من تقصيرات أو تجاوزات، وهذا الذي أدى إلى تدهور الأوضاع في المؤسسات الحكومية وبعض الخاصة أيضاً.