لايمكن أبدا تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة عموما وفي العراق خصوصا في ظل بقاء وإستمرار نفوذ نظام الجمهورية الاسلامية فيها، خصوصا وإن هذا النفوذ يعمل دائما في ضوء المصالح العليا للنظام الايراني ويستخدم كل الطرق والاساليب التي تضمن له الحفاظ على هذا النفوذ وضمان إستمراره.
التدخل الايراني في العراق ولاسيما بعد إستفحال النفوذ بعد تأسيس الميليشيات المسلحة التي تم إعدادها عقائديا وكأنها نسخة من ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري، بلغ مستويات إستثنائية بحيث صار البعض يقول بأن طهران تتدخل في كل شاردة وواردة، ولذلك فإن الذي يتصور بأنه بإمكان الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الاحتلال الامريكي للعراق، من أن تتصرف في ضوء ماتمليه عليها الاعتبارات الوطنية العراقية العليا، إنما هو واهم، فالاعتبار الاعلى والاكبر بالنسبة لهذه الحكومات كان ولازال النفوذ الايراني، كما إن التدخل الايراني في لبنان أيضا قد لعب نفس الدور وترك آثاره وتداعياته السلبية عليه كما الحال مع العراق.
المطالبة بإنهاء النفوذ الايراني في العراق ولبنان خصوصا والمنطقة عموما، صار يطرح على مختلف الاصعدة وبصورة مستمرة خصوصا وإنه يقف عائقا أمام إستتباب الامن والاستقرار فيه، لكن هناك ثمة اسئلة يجب طرحها وهي: هل سينتهي النفوذ الايراني في العراق ولبنان والمنطقة؟ وهل ذلك أمر ممكن تحقيقه؟ وهل هناك طرف أو أطراف سياسية في العراق ولبنان وبلدان المنطقة بإمكانها تحدي النفوذ الايراني و إجباره على التقهقر؟ من الواضح إن الاجوبة كلها بالنفي، ذلك إن الاطراف والقوى السياسية في بلدان المنطقة إما ترغب وتؤيد هذا النفوذ أو تتجاهله وتنأى بنفسها عنه من أجل مصالحها الخاصة، ولهذا فإن المطالبة بإنهاء هذا النفوذ سيبقى نظريا مالم يتم تفعيله وهناك خيارات من أجل ذلك أهمها الشارع العراقي واللبناني واللذان هما بمثابة أكبر متضررين من وراء هذا النفوذ المستمر على حساب مصالح شعبي البلدين بل وحتى على حساب لقمة العيش فيهما، إذ أن هذا النفوذ هو أكبر دعامة للفساد السياسي والمالي في العراق ولبنان، ولايمكن أن يتم أي علاج جذري للفساد من دون مواجهة دعامته.
الكلام الآنف هو التصور والموقف العام الذي كان يفرض نفسه على المشهد العام في المنطقة، ولكن إجابة الاسئلة المطروحة آنفا بخصوص إمكانية إنهاء نفوذ النظام الايراني وكيف يمكن ذلك ومن يمكن أن يقوم بالامر، قد جاءت بعد إندلاع الانتفاضتين العارمتين في كل من العراق ولبنان وإمتدادها لإيران حيث شملت أكثر من 22 محافظة وهو ماجعل النظام الايراني في خطر بعد أن كان قد أوحى قبل فترة ومن خلال نشر تقرير مثير للشبهات في البي بي سي فيه مدح وإشادة واضحة جدا بالنظام ودس وطعن ملفت للنظر ضد منظمة مجاهدي خلق التي صار دورها يتزايد بصورة إستثنائية في داخل وخارج إيران، بأن النظام على أحسن مايكون، ولكن جاءت إنتفاضة الشعب الايراني لتكذب النظام والبي بي سي على حد سواء وتثبت بأن الرياح لاتجري أبدا ?ما يشتهي النظام، وإن هذه الإنتفاضات يوجد مابينها الكثير من الترابط لأن هدفها النهائي واحد وهو هذا النظام الذي إذا سقوط فإن كافة مشاكل الشعب الايراني والشعبين العراقي واللبناني ستنتهي!