مع إندلاع إنتفاضتي الشعبين العراقي واللبناني إضافة الى حالة الغليان في داخل إيران وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، يمكن القول أن منطقة الشرق الاوسط تشهد تطورات دراماتيكية نوعية غير مسبوقة، وعلى الرغم من وجود تنافس إقليمي دولي محموم يحاول فيه النظام الايراني المحافظة على وضعه الذي بات يتزعزع، لكن الدور العربي لايزال دون المستوى المطلوب ودون الطموح مع الاخذ بنظر الاعتبار أن الانتفاضتين العربيتين وغليان الداخل الايراني وتراجع دور النظام يتطلب تحركا نوعيا خصوصا وإن مايجري لصالح بلدان المنطقة تحديدا لكن الدول العربية مازالت تتمسك بالاساليب والانماط التقليدية في مواجهة هكذا أوضاع مصيرية من شأنها أن تعيد صياغة خارطة المنطقة من جديد.
النظام الايراني من خلال سياساته المشبوهة، حقق نجاحا في إختراق الصف العربي وإيجاد أكثر من موطئ قدم له في أكثر من بلد عربي، وبعد أن كان الامر مقتصرا على لبنان نجد انه قد توسع اليوم ليشمل العراق وسوريا واليمن كما ويلقي بظلاله السوداء على السعودية والبحرين والكويت والامارات، لكننا نجد أن الدول العربية مازالت تتراوح في نفس مكانها من دون أي تقدم او تطور للأمام، على الرغم من أن الفرصة أكثر من متاحة لكي تأخذ الدول العربية بزمام المبادرة وترد الصاع صاعين للنظام الايراني الذي صار يقحم أنفه في كل شاردة وواردة، واننا نعتقد أن دعم تطلعات وطموحات الشعب الايراني والمقاومة الايرانية من أجل الحرية والديمقراطية بمثابة بداية جيدة تؤسس لإنعطافة نوعية في الموقف العربي بما يخدم الامن القومي العربي ويحصن جداره بوجه تدخلات النظام الايراني وعبثه بالسلام والامن والاستقرار في المنطقة.
هذا الموقف العربي لو تم تفعيله على أرض الواقع ولاسيما في هذا الوقت الحساس، فإنه بالاضافة الى فائدته من ناحية الامن والاستقرار في المنطقة وخدمته لمصالح الشعوب، فإنه يعكس أيضا تطورا نوعيا في الموقف العربي من النضال الذي يخوضه الشعب الايراني من أجل الحرية والديمقراطية، ومما لاشك فيه أن الاوضاع في المنطقة وإيران تجري بسرعة كبيرة وان مبادرة الدول العربية بإتخاذ هكذا موقف سوف يكون له دوره وتأثيره على الشعبين العراقي واللبناني كما إنه سيكون له صدى إيجابي لدى الشعب الايراني والمقاومة الايرانية وبالاخص وأن سقوط هذا النظام باتت علاماته أكثر من واضحة، ولاسيما بعد العقوبات الامريكية وتدخلاته في بلدان المنطقة والتي صارت تثقل كاهله بالاضافة الى ملفه النووي الذي يكاد أن يكون بمثابة سكينة خاصرة للنظام، ومن هنا فإن إغتنام هكذا فرصة تأريخية تخدم الجميع دون إستثناء، وان على الدول العربية أن تدرك أن المقاومة الايرانية قد دأبت دائما على سياسة التقرب والتودد للشعوب والدول العربية وسعيها لتنوير وتوعية هذه الشعوب بخطر التطرف الديني والارهاب الذي يستهدفها الذي مصدره النظام الايراني دون غيره، ولذلك فإن الوقوف الى جانب نضال الشعب الايراني والمقاومة الايرانية بات أمر يخدم المصالح العليا ليس للشعب الايراني فقط وإنما لعموم شعوب المنطقة وبشكل خاص للشعبين العراقي واللبناني.