خلق الله الكون بما فيه من أشياء ومخلوقات من الملائكة والجن ومن ثم خلق سيدنا آدم عليه السلام ومن نفسه خلق له زوجه ليسكن إليها ويكون بينه وبينها مودة ورحمة ليعمروا الأرض ويكون خليفته فيها (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (البقرة: 30)). ومن هذه الآية نستنتج أن الله كان يكلم الملائكة وأن الملائكة تعلم أن هناك من مخلوقات الله من كان مفسداً وسافكاً للدماء وأن الملائكة خلقت للتسبيح بحمد الله وتقديسه. وكذلك نعلم أن الله أول من علَّم من مخلوقاته هم الملائكة ولكن ليس كل شيء فقال لهم إني أعلم ما لا تعلمون. وقد أخبرنا الله أن آدم عصاه في أكله هو وزوجه من الشجرة التى نهاه عنها وسمع كلام إبليس واراد أن يتعلم عن طريق التجربة ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ، فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ، قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (طه: 120-122)). وأهبطهما الله وإبليس من الجنة إلى الأرض وأخبرهم أن بعضهم لبعض عدو أي بعض الجن أعداء لبعض الإنس إلى يوم الدين فمن إتبع هدى الله فلا يضل ولا يشقى. وهناك شياطين من الإنس أدهى وأمر وأكثر خطراً على بني آدم من الجن (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (الأنعام: 112)). وشياطين الجن هم الذين يلعبون الدور الأكبر في الفتنة والفساد وسفك الدماء في الأرض، فعلينا أن نأخذ حذرنا من شياطين الجن مرة ومن شياطين الإنس مرات.
ألا نتعظ بما فعله شياطين الإنس في دول الجوار؟ ألا نأخذ دروس ونتعلم من غيرنا؟ وكما قلنا سابقاً في مقالة لنا إنفردت بعنوان: العاقل من يتعظ بغيره والجاهل من يتعظ بنفسه. ما أخبار الشعب في العراق والشعب في ليبيا وفي غيرهما من الدول الإسلامية والعربية؟ ألا ينادون بعودة الحكام السابقين لما يعانوا منه من قلة الماء والكهرباء والطعام والعناية الصحية والأمن والأمان ... إلخ؟. تتقلب ظروف الحياة مع الناس ولا تبقى على وتيرة واحده فهناك عسر وهناك يسر وما بعد العسر إلا يسرين بعون الله، ألم يقل الله في كتابه العزيز (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (الإنشراح: 5 و 6)). فعلى كل إنسان أن يكون إيمانه بربه قوي حتى يصبح من الراشدين وإذا دعا ربه إستجاب له (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة: 186)). ألم يخبرنا الله أن الرزق في السماء وليس في الأرض حتى لا يتحكم إنسان برزق إنسان آخر؟ ألم يُقْسِم الله بذلك قسماً عظيماً؟(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و 23)). ألم يبسط الله الرزق ويَقْدِرُ لعباده كما يشاء؟ ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (الإسراء: 30)). أيستطيع أحد من خلق الله أن يعترض على حكم الله؟ ( لَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ (الأنبياء: 23)).
نعم هناك فاسدون نهبوا مقدرات الوطن والمال العام وعاثوا في الوطن فساداً وحنثوا بالقسم الذي أقسموه أمام جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم كما نُشِرَ عنهم والله أعلم. ألم يقسم كل واحد منهم بما يلي؟: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إليّ بأمانة. فقيادتنا الهاشمية من أنبل وأشرف وأصدق وأرحم وأوفى ... إلخ القيادات في العالم أجمع، فلنقف خلفها لمعاقبة الفاسدين وإعادة ما نهب من أموال الدولة للخزينة ولا ندع كبيراً أو صغيراً يفلت من المحاسبة والعقاب فمصلحة القيادة والوطن والشعب فوق أي مصالح فردية أو شللية.