سُنَة الله في خلقة أن يتزوج الذكر من الأنثى من سلالة آدم عليه السلام وزوجه حتى يعمر الكون ولا تنقرض سلالة بني آدم. وهذه السنة وجدت في الحيوانات جميعها وفي الجن قبل الإنس للتكاثر وعدم إنقراضها. ولكن الإنسان بالذات كرَّمَه الله وفضله على كثير من خلقه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا(الإسراء: 70)). ولهذا فإن الرسول عليه الصلاة والسلام نصح أمته قبل الزواج بأن يختاروا الزوج المناسب وفق معايير معينة حتى ينجح الزواج ويتم بناء أسرة صالحة بجميع أفرادها في المجتمع فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك، إيّاكم وخضراءَ الدِّمن، قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الحَسناء في المنبِت السوء، تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس. وهذه الأحاديث كلها تنطبق على الذكر والأنثى وليس فقط على الأنثى. فالأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه اختيار الزوجة والزوج، بحيث لا يكون هدف المسلم هو مجرد الحصول على المتعة فحسب وإنما بناء أسرة صالحة وعناصرها بناءه في المجتمع وتكون لبنة قوية تساهم في بناء مجتمع قوي وسليم من أي شوائب مجتمعية أو أخلاقية ... إلخ.
فكثيراً من الشباب والشابات في مجتمعنا هذه الأيام ينظرون إلى الجمال والمال فقط والمتعة الجنسية ولا ينظرون إلى أمور أهم بكثير من ذلك وهي نشأة الشابة أو الشاب الدينية والتربوية وعادات وتقاليد عائلة كل منهما من حيث المسكن والمأكل والمعاملات بين أفراد الأسرة وطبيعة عمل الوالدين وبقية أفراد الأسرتين ... إلخ من الأمور التي ربما تكون مخفية بقصد أو بغير قصد وتكون في المستقبل سبباً رئيساً في منغصات الحياة الزوجية وبالتالي تؤدي إلى الطلاق وتشريد أفراد الأسرة وتكون عناصر تؤثر على المجتمع سلباً وتزيد من أعباء الدولة في تأهيل وإصلاح هذ العناصر التي لو تم الإختيار صحيح لما ظهرت في مجتمعنا. وعلى الجميع أن يعي ويدرك أن العامل الوراثي والعادات والتقاليد والأخلاق مهمه جداً عند الطرفين (الزوج والزوجه) فهذه الأمور من الصعب جداً تغييرها أو التلطيف منها ببساطة وكما يقال من شب على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه.
فالمشاكل الأسرية التي تحدث بين الزوجين هذه الأيام سببها التسرع في إتخاذ قرار الزواج بناءاً على المال والجمال فقط، وهذه الأمور تصبح عادية بعد فتره من الزمن. ولكن تبقى أمور الدين ومخافة الله والأخلاق والنشأة والعادات والتقاليد والأمراض الوراثية مستمره في حياة الطرفين إلى الأبد وتكون سبباً قوياً في الخلاف بينهما وتؤثر على حياة الأطفال وسعادة الوالدين والأطفال معاً إذا إستمرت الحياة الزوجية. فعلى الشباب حديثي السن أن يسمعوا كلام والديهم ومن هم أكبر منهم في السن ومن عندهم خبرة السنين الطويلة ولا يتبعوا شهواتهم وحاجاتهم المادية فقط. فالدين ومخافة الله والأخلاق والنشأة الصحيحة والعادات والتقاليد المتقاربه هي العوامل التي ستجعل الزواج ناجحاً وحياة الزوجين والأطفال سعيدة أبداً ما أحياهم رب العالمين. فهذا زواج وينبثق عنه عمات وأعمام وخالات وأخوال وجدات وأجداد وعلاقات عائلية وعشائرية تمتد إلى الأبد.