لقد شاهدنا ما أنجزه المسلمون وهم في قمة أمجادهم من قبل مئات السنين في مختلف العلوم وفنون البناء والعمارة الهندسية المختلفة والحضارة المتقدمة جداً. وهذا يثبته ما شيدوه من مساجد وقصور وغيرها كانت في قمة الروعة والإنجاز والإتقان وعلى أسس علمية، ومنها مسجد قرطبة وقصر الحمراء في غرناطة وقصر مدينة الزهراء في إسبانيا. وغيرها من التحف الإسلامية وما فيها من فنون الهندسة المعمارية الخلابة وما دخل في تصميمها من تكنولوجيا زمنها التي أبهرت حكام أوروبا في ذلك العصر. وتم كل ذلك رغم عدم توفر ما بين أيديهم مما هو متوفر هذه الأيام من أدوات وآلات التصنيع ورافعات البناء وغيرها من الإمكانات الحديثة. ولكن كما ذكرنا سابقاً أن المسلمين أُبْعِدُوا عن دينهم وكتابهم القرآن الكريم بطرق ممنهجة مختلفة، واتبعوا الهوى ومغريات الحياة من البذخ والمجون والنساء ... إلخ، مما جعلهم يتراجعون كثيراً في ميادين العلوم المختلفة. وإستفاد من مؤلفاتهم وعلومهم المختلفة وتبناها وبنى عليها غيرهم من الأمم مثل الدول الأوروبية ودول الشرق الآسيوي وأهمها الصين وكوريا وغيرها من دول العالم وإستمروا في تقدمهم العلمي والتكنولوجي في جميع ميادين الحياة إلى يومنا هذا.
والأمر الذي يحيرنا هو كيف وضعت القيادة الصينية منهاج حياة حديث لشعبها منذ عام 1949م الذي بلغ تعداده 1.2 مليار نسمه. و تطورت الصين خلال السبعون عاماً الماضية في كل الميادين بشكل لافت لأنظار زعماء وشعوب العالم أجمع، فأصبحت الصين من الدول العظمى في المجال النووي والعسكري والمالي والإقتصادي والتكنولوجي والعمراني والصناعي ... إلخ. فأصبح العالم يشاهد منجزات الصين في كل ما ذكرنا من مجالات وبشكل يخالط الخيال ولا يصدقه العقل، وغزت صناعاتها جميع بلدان العالم حتى العظمى منها. وكأن أهل الصين يعملون ليلاً ونهاراً ويأكلون وينامون وهم يعملون. كل من زار الصين، عاد يقول: شاهدنا في الصين عالم بل عوالم أخرى لم نشاهدها في أي دولة من دول العالم المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا وكندا وأستراليا. نعم، القيادة الصينية نجحت فوق المائة بالمائة فيما وضعته من خطط إستيراتيجية لتطوير الصين في أهم المجالات التي تتنافس فيها جميع الدول العظمى فيما بينها في العالم وتفوقت عليهم جميعاً. ولو فكرنا فقط في كيفية إطعام الشعب الصيني الذي بلغ تعداده 1.2 مليار نسمة وإدارة أمور حياته؟! فإنها بحد ذاتها معجزة كبرى. لأن كثيراً من الدول غير الصين لا يستطيعون أن يكفوا شعوبهم الطعام، فكيف بمتطلبات الحياة الأخرى؟. وكأن الصين تطبق تعليمات الإسلام ولكن بطريقتها الخاصة وتعمل بحديث رسولنا عليه الصلاة والسلام: إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداً، فهم يركزون على الشق الأول من الحديث أكثر من الثاني لأنهم لا يؤمنون بوجود خالق ومدبر ومدير لهذا الكون.
فنتساءل: ماذا سيفعل الصينيون في العالم لو كانوا يدينون في الإسلام؟ نعتقد أنهم سينشرون خططهم وأنظمتهم بكل أنواعها على جميع شعوب العالم وسيجعلون الناس أجمعين في هذا العالم يدينون بدين الإسلام ويعيشون حياةً كريمةً وعزيزة. وكيف لا؟ وقد أذهل المسلمون غيرهم من الشعوب وهم في قمة أمجادهم وقد كفت القيادة الإسلامية المسلمين من كل شيء حتى لم يعد أي فرد فقير ولا محتاج ولا أعزب ... إلخ. وقد وزعت القمح على قمم الجبال لإطعام الطيور وكان ذلك على زمن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز رحمه الله وقد لقب بالخليفة الراشدي الخامس. وبالفعل إن كانت هناك قيادة حكيمة وسديدة ويهمها الصالح العام ستكون حياة الناس بألف خير. أما إذا أوكلت أمور الناس لأشخاص لا يستطيعون إدارة أنفسهم ويلهثون خلف المصالح الخاصة ويلجأون للنهب والسرقة من المال العام فسوف لا تكون هناك حياة كريمه لأي فرد من أفراد الشعب. فنسأل الله أن يولى أمورنا خيارنا وعقلائنا وكل من يخاف الله في السر والعلن ويهمه مصلحة القيادة والوطن والمواطن. حتى يعود أردننا العزيز إلى ما كان عليه من رخاء وحياة كريمة وسعيدة والكل فيه يحمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. وتعود البسمة إلى شفاه المواطنين صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً ولا يلهث أحد خلف القرش والدينار كما نفعل الآن، ولا يعادي الأخ أخاه على المال والإرث وغيرها من أمور الحياة المادية الدنيوية. ولا نبحث عن الفتاة التي تعمل للزواج منها ولا نقبل بالتي لا تعمل بسبب البطالة العالية بين أفراد المجتمع وإزدياد تكاليف الحياة التي أصبحت لا تطاق وهذا من الأسباب الرئيسة في إزدياد عدد العوانس.
سيكون حصول المعلمات على الزيادة في رواتبهم حديثاً سبباً في تنشيط عملية الزواج منهن بعد أن كان الإقبال على صاحبات تخصص الطب والهندسة والصيدلة وغيرها من التخصصات اللواتي رواتبهن أعلى من رواتب المعلمات. ولكن حتى نجاري المستوى العالي في المعيشة الذي يزداد بإستمرار ليس في الأردن فحسب بل في العالم كله فعلى الذكر والأنثى التفكير في العمل والمساعدة في تغطية تكاليف الحياة التي أصبحت لا تطاق. والله نسأل أن تتحسن أحوالنا المعيشية في المستقبل في أردننا العزيز وتنتعش حركة التجارة والبيع والشراء في الأسواق حتى تعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت قبل سنين.