هناك أمور لا يعلمها إلا الله ولا يعلمها أحد من خلقه لأنه يعلم غيب السموات والأرض ويعلم ما تُخفي مخلوقاته وما يعلنون في نفوسهم (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(الحديد: 4))، يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(التغابن: 4)). وكما ذكرنا في مقالات لنا سابقة عديدة أن لله حكمه في خلق كل شيء في هذا الكون. نعم، الكثير منَّا يستغرب ويقول: لماذا خلق الله الكفار؟ والمشركين؟ وعبدة الشياطين؟ ... إلخ ممن لا يدينون لأي رسالة أو ديانة سماوية. ولكن لو فكرنا مليَّا بما يحدث بين أتباع الدين الواحد من تفرقة ومن عداوات وإنقسامات عديدة. وكذلك ما يوجد من عداوات وحدث من حروب طاحنة بين أتباع الرسالات السماوية المختلفة خلال السنين الماضية. لقلنا: لو ترك الله الأمور على الغارب في هذا العالم لأصحاب الرسالات أو الديانات السماوية وحدهم للتحكم في مخلوقاته جميعاً لطغوا على بعضهم البعض ولإستقوى القوي على الضعيف ولم يبق له أثر في العالم. ولكن سبحان الله العظيم خلق بقية مخلوقاته من الكفرة والمشركين وعبدة الشياطين حتى يكون هناك ميزان للقوى بين مخلوقاته في العالم.
فمثلاً كان المشركين هم المسيطرون قديماً في الجزيرة العربية وبعدهم جاءت الرسالة اليهودية وسيطروا على المال والتجارة وغيرها ومن ثم جاءت الرسالة المسيحية وقد سيطروا على غيرهم وهكذا بدأ الناس يقارنون بين عهد وآخر من الرسالات السماوية. إلى أن ختم الله الرسالات السماوية بالديانة الإسلامية وأنزلها على نبينا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وإنتشر الإسلام في العالم. وبعد ذلك جاءت الإمبراطورية العثمانية ومن ثم الإمبراطورية البريطانية وبعد ذلك أمريكا وروسيا وغيرها من الدول الأوروبية والشرق أسيوية والصين التي غطت على كل من قبلها من التطور والتصنيع الإلكتروني والعسكري والإقتصادي والتجاري ... إلخ. والآن الصين تعتبر من أقوى دول العالم من كل النواحي المالية والإقتصادية والتجارية والعسكرية. والتي صنعت حديثاً صواريخ باليستية ذاتية الدفع ذات رؤوس نووية وتقليدية تستطيع الوصول إلى مسافة 14000كم وسرعتها بلغت 1225كم في الساعة تخترق جميع الدروع التي تواجهها ولا مثيل لها. وقاعدة لإطلاق طائرات من نوع DF-17 مثلثة الشكل فائقة السرعة يمكن تجهيزها بأسلحة تقليدية أو نووية ويمكنها التحايل على الأنظمة المضادة للصواريخ. وتم عرض كل ذلك قبل أيام في إحتفال الصين بتأسيس جمهوريتها السبعين وبحضور الرئيس الصيني الذي قال: لا يمكن لأي قوة ان تهزم الصين او توقف تقدم الشعب والأمه الصينية العظيمة. والصين لا تدين بأي رسالة سماوية ولا دين وهم كفره وملحدين. لماذا؟ حتى يكون بأمر الله ميزان القوى متساوٍ في العالم ولا يطغى أحد على أخر. فقد ذكرنا في مقالة سابقة لنا أن زعيم من أقوى دول العالم والذي له رسالة سماوية يريد أن يقضى على أصحاب ديانة سماوية مثله وهم المسلمين ويريد أن يمحيهم من الوجود. فسبحان الله العظيم خلق الله أهل الصين الكفرة والملحدين وكوريا ليقفوا في وجهه ولتحجيمه ولمنعه من أن يكون هو فرعون العصر ويلزم حدوده.
وكما قلنا أن الله يكون مع الدولة الكافرة لو كانت عادلة وضد الدولة صاحبة الرسالة لو كانت ظالمة. فعلينا أن لا نعجب لما ذا خلق الله من مخلوقاته التي لا تدين باي رسالة أو ديانة سماوية ولماذا أعطاهم من إمكانات مالية وإقتصادية وعسكرية ... إلخ. ولله في خلقة وإدارته وتدبيره لهذا الكون شؤون. ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح والحق يعلو ولا يعلى عليه والنصر في النهاية للذين آمنوا بالله حق الإيمان ولكن يعذب الله كل من يبتعد عن تعليماته وكتبة السماوية وسنن رسله وكما قال الله تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(الروم: 41))، (عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (الإسراء: 6)). والآية التي جعلتنا نفكر كثيراً في الكفار والملحدين كأصحاب ديانة وأصجاب رسالات سماوية مثل الصين وكوريا وغيرها من الدول التي لا تؤمن بأي رسالة أو ديانة سماوية سابقة هي ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(التغابن: 2)). والله بصير بما يعلم كل خلق من مخلوقاته.