الخلافات تحصل بين الإخوان في العائلة الواحدة وبين أفراد العائلة والعشيرة الواحدة. ولكن المرجو من تلك الخلافات أن تكون للمصلحة العامة وليس للمصلحة الخاصة البحتة. وقد حصل خلاف في بداية الكون بين قابيل وهابيل على المصلحة الخاصة وهي من سيفوز بالأخت الأجمل للزواج منها. وقد لعب الشيطان دور كبير في هذا الخلاف حيث سيطر على نفس قابيل حتى طوَّعت له نفسه قتل أخيه فقتله وكان من الخاسرين النادمين (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (المائدة: و 30 و 31)). فيجب أن يحكم أي تفاوض بين الأطراف المختلفة العقل والمنطق والمرونه والأخذ والعطاء. فمن المستحيل أن يتم حل أي خلاف بين أي طرفين إذا أصر طرف على أن يأخذ كل ما يطالب به بطريقته الخاصة دون أن يكون عنده مرونه في التفاوض على عملية تطبيق الأخذ. ولهذا السبب سميت مفاوضات فيها أخذ وعطاء وتنازلات للمصلحة العامة ولا يكون فيها تعنتاً لمصلحة طرف دون أطراف أخرى.
فمفاوضات نقابة المعلمين مع الحكومة على الزيادة التي وعدت بها نقابة المدرسين من حكومة أو حكومات سابقة لم تأخذ المنحى الطبيعي المرجو منها كغيرها من الخلافات في الدول الاجنبية. فكما علمنا أن الحكومة في آخر مستجدات للمفاوضات مع النقابة إستجابت لطلباتها ولكن بطريقة عادلة وهي: إعطاء علاوة 24 دينار للمعلم المساعد و26 دينار للمعلم و28 دينار للمعلم الأول و31 دينار للمعلم الخبير وبذلك تكون الحكومة قد طبقت نوعاً ما طلبها بطريقة مقنعه وهو مكافئة المدرسين وفق رتبهم التي حصلوا عليها بكفاءتهم. ولكن للأسف الشديد هذا الأسلوب لم يرضِ ممثلي النقابة في المفاوضات مع الفريق الحكومي. فنقول للزملاء والأهل في فريق المفاوضات من النقابة عليكم بأن تأخذوا جانب اللين في المفاوضات وتقبلوا بما هو معروض عليكم وتطالبوا في المستقبل بما تستحقون. ونذكركم أن رب العزة والجلالة عندما طلب من النبي موسى عليه السلام وأخوه هارون مقابلة فرعون والتفاوض معه ليرسل معهما بني إسرائيل، قال لهما (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى،ٰ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى،ٰ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ، فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ(طه: 43 - 47)).
فنطلب من أعضاء الوفد المفاوض في نقابة المعلمين أن يقولا قولاً ليناَ للفريق الحكومي ولا يتعنتوا في رأيهم ومصلحة الطلبة والوطن فوق كل مصلحة شخصية لأي فئة من فئات المجتمع سواء أكانوا معلمين أو غيرهم. ومن المستحيل أن ينال أي فريق في أي مفاوضات على مستوى العالم وبين الدول العظمى وليس الصغيرة على كل ما يطالب فيه وإلا ستنتهي المفاوضات بالفشل. ونحن نريد أن تكون المفاوضات بين الأهل والأقارب ناجحة وتعود بالفائدة المرجوة والمصلحة العامة على الجميع، والتعنت في الرأي لا يجدي نفعاً. وإن لم يحصل أي فريق مفاوض على كل ما يطالب به فعليه أن يخطط للمطالبة بما تبقى من مطالبه في المستقبل ما دامت هذه المطالب تصب في المصلحة العامة للوطن والمواطن. ونسأل الله للقيادة والحكومة والمعلمين والطلبة وأهاليهم والوطن والشعب كل التوفيق والتقدم والإزدهار.