لو عقدت مقارنة بسيطة بين (راس روس) التي تعلمناها سابقا وبين التعليم المحوسب هذه الأيام لوجدت أن (راس روس) تعتبر مثلا يحتذى سواء على صعيد ما يتلقاه الطالب من تعليم أو الطالب نفسه فطلاب تلك الحقبة وبعد انتقالهم من المرحلة الأساسية إلى المرحلة الإعدادية يكون لديهم رصيد معرفي وعلمي وفكري يفوق أقرانهم في الجامعات هذه الأيام وغني عن التعريف أن الطالب الذي يجتاز هذه المرحلة باستطاعته أن يقرا بلغة سليمة خالية من العيوب وبمقدوره أن يكتب خطا جميلا يخلو من الأخطاء القواعدية وأيضا لديه القدرة على كتابة موضوع تعبير يشتمل على صور جميلة بكل سلاسة وبأسلوب جميل يشوق القارئ حتى إذا ما وصل الطالب إلى الثالث الإعدادي عليه أن يجتاز امتحان(المترك) وهو امتحان أكثر صعوبة من امتحان التوجيهي هذه الأيام و في نهاية المرحلة الثانوية يكون مؤهلا للتدريس واضرب مثالا هنا أن من درسنا الرياضيات في المرحلة الأساسية أستاذ اسمه علي الحبيس رحمه الله وكان مؤهله الثالث الإعدادي ومن درسنا اللغة العربية الأستاذ المرحوم نويران النهار ابو حقو وكان يحمل شهادة التوجيهي حتى الذين درسونا المرحلة الإعدادية كانوا من خريجي معهد حواره وعجلون ولم يكونوا يحملون البكالوريوس.
إن المسؤولية لا تقع على وزير التعليم العالي وحده في هذا المضمار بل يشترك فيها البيت والطالب والمدرسة والمراكز الخصوصية وأساتذة التعليم الخاص الذين يتقاضون مبالغ خيالية على الحصة دون أن يضيفوا للطالب أي شيء سوى زيادة معاناته المادية والنفسية وإيهامه أن ما يقدمونه له من مادة تشتمل على تسعين بالمئة من امتحان الثانوية أضف إلى ذلك اللجان التي تضع المناهج وأعضاء التدريس والقائمين على وضع القوانين والأطر للمراحل الدراسية في زمننا هذا ومنهم وزير التعليم العالي ولنأخذ مثالا المرحلة الثانوية هذا العام.ففي السنوات السابقة وعلى ما كان يشوب نظام التوجيهي من تشوهات إلا انه اقرب إلى الواقعية فعلى الأقل يخرج الطالب بأمر من اثنين إما النجاح أو الرسوب لكن ما حدث هذا العام ادخل الطلبة و أولياء الأمور والكثير من المعلمين في حيص بيص سواء في طريقة الأسئلة أو في المخرجات التي نتجت عنها إذ أصبح لدينا ثلاث شرائح من الطلبة شريحة رسبت وعليها الإعادة بعد انتظار عام كامل وفي هذا العام يكون الطالب قد فقد ما تعلمه وشريحة وسطى
فلا هم رسبوا ولا هم التحقوا بالجامعات ولا نعرف ماذا نسميهم سوى أنهم ك (أهل الاعراف) وهولاء عليهم الالتحاق بكليات المجتمع واعتقد أن هذه الشريحة تم الإعداد لها بالتنسيق مع أصحاب الكليات الجامعية بعد أن أغلقت بعض الكليات وأخرى خوت ساحاتها ولك أن تضحك حين تجد طالبا حاصلا على معدل 85 ولم يتأهل للجامعة وآخر حاصل على 65 وتأهل للجامعة والسبب ان الأول حصل على 50%بمادة التخصص والثاني حصل في إحدى مواد التخصص على الحد الأدنى وربما على49% والسؤال ليس أين العدالة هنا بل أين المنطق فالأول نسميه ناجحا وان قل معدله والثاني راسبا مع وقف التنفيذ وان حصل على مجموع أعلى, والأنسب ان من اجتاز الحد الأدنى للقبول وحصل على معدل 65 يسمح له أن يلتحق بالجامعة ولكن ضمن تخصصات محدده وإذا استطاع رفع معدله ينتقل للتخصص الجامعي الذي يريد وأكاد اجزم أن الحكمة غابت عن اللجنة التي تم تشكيلها من اجل اصلاح نظام الثانوية وإذا كانت اللجنة قد صرحت انه لا رسوب في هذا النظام أقول ان الرسوب في هذا النظام اعم واشمل وإلا ماذا اسمي الطلبة الذين سينتظرون لحول كامل كي يتقدموا للامتحان مرة أخرى وماذا اسمي أهل الأعراف الذي لا رغبة لهم ان يلتحقوا بكليات المجتمع هم أيضا عليهم الانتظار من اجل تقديم مادة أخفقوا فيها بعلامة أو علامتين ومثل هولاء ماذا يضعون في استماراتهم إذا ما رغبوا في الدراسة بجامعات عربية وأجنبية هل يضعون ناجح نص كم او ناجح مع وقف التنفيذ ام راسب مع وقف التنفيذ علينا ان نعترف ان تعليمنا بائس وان الثانوية ليست مقياسا وان العداله غائبه عنها والا كيف افسر وضع طالب عاد الثانوية 26 مرة حتى حقق نجاحا بمعدل 62% حتى الامتحان التكميلي الاخير طلاب كما دخلوا الامتحان وخرجوا منه دون اي زياده ولو عشر واحد وهذا امر ايضا يدعو للقلق نتمنى ان يعود التوجيهي فصلين كالسابق ونتمنى ان ابقت الوزارة الحال كما هو عليه الان ان يعطوا الطلبه الذين اخفقوا فرصه اخرى بمنتصف العام لان هذه النسبه من الطلبه اذا مااضيفت لنسبة الطلبه الذين سيتقدمون في العام القادم سيحتاجون لجيش جرار من المصححين والمدققين هذه أسئلة أتمنى على المعنيين في التربية والتعليم والتعليم العالي الاجابة عليها .