خلال أيام يعود أكثر من 300 ألف من الطلبة إلى مدارسهم،مستهلين عاما دراسيا جديدا بعد أن أغلقت هذه المدارس أبوابها لما يقترب من شهرين، وعندها يعود الصخب والضجيج إلى باحاتها، وتمثل هذه العودة مثار اهتمام يلامس حد اعلان الطوارئ على مستوى الأسر والدولة، لما تمثله من تسارع في رتم الحياة، وازدحام الشوارع والأوقات، ونظرا لارتباط هذه العودة بالعديد من المؤسسات والإدارات التي تسعى دائما لتأمين عودة سلسة وميسرة للأبناء إلى مدارسهم، دون أن يواجهوا ما يعيق التحاقهم بها، وبما يحفظ أمنهم وسلامتهم.
تشكل هذه الفترة وما سبقها عبئا ثقيلا على الأسر، نظرا لمرور موسم الاجازات والاعياد فيها،حيث تجسد الالتزامات تجاه هذه المناسبات تحديا لكل الأسر في الترشيد وضبط النفقات، أمّا الالتزامات تجاه الأبناء من أجل عودة ميمونة إلى مدارسهم فهي تضيف بدورها عبئا مرهقا، يتمثل في رسوم الباصات والكتب والزي، إضافة الى تجهيزهم بالأدوات والكثير من المساندات،حتى يبدو أن الأبناء يذهبون إلى مدارسه مبجعبة مقاتلين.
يؤمل دائما أن يتفهم العاملون والمعلمون في المدارس ظروف الأسر، وطاقة الأبناء على الحمل والتحمل، فيحاولون قدر الإمكان التخفيف من الطلبات، وحصرها في الحد الأدنى من المستلزمات التي لابد منها.
يبدو عمل وزارة التعليم في كل مكان وما يلحقها من إدارات أنه الأحظى في المتابعة والاهتمام،ودائما يتعرض ما تقدمه الوزارة من خدمات أو تقوم به من إجراءات للتدقيق والمتابعة، وهذا ليس غريبا إذا نظرنا إلى الأمر بموضوعية، فالتعليم هو أكثر نشاط في الحياة يحظى بمتابعة واهتمام الأهل والمجتمع، ويعتبر الأبناء محل شراكة بين المجتمع والوزارة، ففي كل بيت هناك ابن أو أكثر ينغمس في نشاط التعليم، مما يجعل من عمل الوزارة مثار اهتمام الجميع، فما تقدمه الوزارة من خدمات يجعل منها بإداراتها المختلفة مؤسسات جماهيرية، يقوم عملها أساسا على تقديم ما ينبغي أن يحظى برضا وتقدير أعداد كبيرة من الناس، مما يستوجب حرصا مبالغا فيه عند اتخاذ القرارات، لتقدير مدى قبول الجمهور لها، وبنفس الوقت تقدير درجة انعكاسها سلبا أو ايجابا على المجتمع.
ولمّا كان رضا الناس غاية لا تدرك، مهما سعيت لها، لذا فإن ما تتعرض له وزارات التعليم في كل مكان ليس بالضرورة أن يكون محل اجماع، ولا يمكن أن يكون ملزما، بقدر ما ينبغي أن يحظى بالاهتمام والمراجعة، لتحقيق ما هو أفضل دائما لمصلحة الأبناء، وعندها تتحقق الشراكة الحقيقية بين الوزارة والمجتمع.
في الموسم الدراسي الماضي تعرضت الوزارة للكثير من اللغط، الذي انصب على طول العام الدراسي، وكذلك طول اليوم المدرسي، ومدة الاجازات، وتوقيتها، وقد استجابت الوزارة لما بدا أنه رأي عام بتشكيل لجنة للمراجعة، لكن تبدى أيضا أن الجمهور يستقوي بوسائل التواصل الاجتماعي، مما يمكنه من إثارة الإشكالات بغض النظر عن مدى صحتها،أو جديتها، للوصول إلى أصحاب القرار في كل الأماكن والمؤسسات.
تسعى الوزارة في عملها إلى الوصول الى أحسن السبل من اجل تقديم تعليم يحظى بالتقدير،وتأهيل الأبناء في حياتهم من خلال العديد من الإجراءات، منها العمل على توفير بيئة تعليمية آمنة، وحافزة، والتدريب المستمر للعاملين والمعلمين، ومراجعة المناهج باستمرار، وتوفير أرقى وسائل التعليم، وزيادة جرعة التقنية في العمل التربوي، وعقد المؤتمرات التعليمية، والكثير من الورش والنشاطات، وما أدل على ذلك من أن دولة قطر تحصد أعلى المراكز فيما يخص جودة التعليم.
لكن في الوقت الذي تقدر فيه كافة الجهود لتجويد عملية التعليم، فإن آمال الناس تتطلع إلى تعليم متزن يصاحب جودة التعليم، يقود إلى مخرجات تحظى برضا المجتمع، وحاجة سوق العمل، والقدرة على المنافسة عالميا، وجدير بالذكر هنا ان تجارب التعليم تحتاج دائما وقتا وصبرا حتى يتم تقييمها بصورة جادة، وأخيرا نتمنى عاما دراسيا موفقا لأبنائنا الطلبة وكل العاملين على تعليمهم.