يعتقد بعض السذج من الأباء و الأبناء بأن دور الأب في الأسرة محصور في تأمين المصاريف و الملبس و المأكل وأن الأب شخصية قاسية ومتسلطة ومتجبرة، لأن مفهوم التربية ارتبط بطريقة او باخرى بوجود الأم، فالناس جميعاً عندما يتحدثون عن التربية و الأسرة لا يذكرون الأب !!الحديث ينصب على الأم مباشرة، طبعاً الأم هي الأساس منذ الولادة ولكن لماذا يغفل تماماً دور الأب؟ .
الأب هو أساس بناء الأسرة وتكوينها وهو الأساس في تكوين شخصية الطفل وتأمين الحماية والرعاية وهو القدوة وهو الراعي الرئيسي للأسرة .
دور الأم أساسي في حياة الطفل، ولكنه دور ناقص بدون الأب، فالأب هو الذي يقدم الحنان الأبوي والسهر على حياة الطفل، وبالتواصل معه والتقرب منه، فينمو الطفل ويكبر على أسس تربوية قويمة، والأب هو من يحقق التوازن الأسري من خلال الإتمام بالأبناء ومصاحبتهم ومعرفة افكارهم وميولهم، ويكون لهم الصديق الدائم، ولكن للأسف حالياً دور الأب مركون على الطاولة ومهمش !.
بعض الأباء عبارة عن "كرديت كارد " يتعب ويكد ويسهر لتامين الحياة لهم، ولكنه يبقى طويلاً خارج البيت ليعود في المساء كالغريب، حيث أن بعضهم لا يراه.. مشغولين في متابعة مباراة كرة القدم !! وهناك البعض الذين لديهم شيء من الأب فيسلمون على الأب او الجد "كيفك جدو كيفك بابا" ويغادرون مسرعين، بينما الأم او الجدة يجلسون ساعات طويلة معهن "يقهقهون ويلعبون ويقبلون ويعبطون ويدللون" وفي حال اشتكت التعب يهب الجميع للمساعدة هذا رائع جدا ومطلوب، ولكن لماذا لا ينسحب على الأب ؟!! لماذا التهميش للأب وعدم الإقتراب منه أو حتى الجلوس بين يديه للسؤال عن شيء؟ قسوة شديدة وتطاول، لماذا هذا التميز لماذا هذا السلوك الا يجب أن يكون للأب نصيب من هذا الإهتمام والتقدير والحب والعبط والتقبيل؟!!لماذا صارت حياة بعضنا بشعة بهذا الشكل.
حدثتني صديقة عن جار لها في الـ 75 من عمره، ولديه 7 أبناء رجلاً ونساءاً متزوجين، ونادراً ما يحضرون لزيارته، مع أنه رجل غاية في اللطف و الأدب، وهو من كبرهم ورعاهم عندما كانوا صغاراً، المهم الرجل يتعب ويصاب بالمرض ثم يتوفاه الله، بقي القبر مفتوحاً لمدة 4 أيام لأن الأولاد لم يقبل أي منهم أن يدفع التكاليف، مع انهم جميعاً يعملون ووضعهم فوق الجيد، فاضطرت الجارة لدفع التكاليف وإغلاق القبر.
ما هذا أين اصبحنا نعيش ؟؟ هل هذا معقول ؟ أهكذا يعامل الأب ؟ أين نحن من بر الأب ؟؟
قصة أخرى، فتاة يتيمة رباها خالها وهو رجل محترم واحاطها وامها برعايته لسنوات عديدة ولم ينقص عليهما شي الى أن ظهرت أمامه هذه الفتاة بلباس فاضح، فقال لها هذا اللباس ليس لنا وتلاسنا وغضبت ورفعت صوتها وغضب هو ايضا.
النتيجة الرجل في السجن لمدة اسبوع، لماذا اخته أم الفتاة اشتكت للشرطة عليه ؟!! الرجل هذا رعاها كأنها ابنته وقدم لها الكثير فهل هذا هو جزاء الإحسان؟!!
عقوق ما بعده عقوق ..قصص كثيرة يندى لها الجبين وجميعها مزرية ومعيبة وتدل على أصل وضيع ان وجد .
لماذا التعامل مع الأب بهذا الشكل ؟ مع أنه سبب وجودنا على وجه البسيطة، هذا الأب الذي هو عنصر أساسي في بناء الأسرة وتركيبها وهو تماماً كالام في حنانه وعطفه وحمايته ورعايته للأولاد
،فهم أيضا جزء منه كما هي الأم .
الأب لا بد أن يحترم ويقدر فمكانة، الأب في الإسلام ومنزلته عالية ورفيعة فهو كما اسلفنا اللبنة الأساسية في بناء الأسرة .
ومن أهم حقوق الأب الواجبة على الأبناء ان يكون الأب اول اولوياتهم وأن يتواصلوا معه باستمرار وأن يكون هو الملجئ والملاذ والصديق والمستشار، فالأب هو ظهرك وسندك وأساسك .
والسؤال ما الذي يريده الأباء من الأبناء ؟ هل إلا أن يكون الأبن في احسن حال وان يتمتع يالصحة والسعادة والتوفيق في حياته، " أنت امتداد لأبيك.. أنت جزء منه.. ابيت ام شئت وهو أساسك ولا فكاك من هذه العلاقة" .
الأب يحتاج الى العطف والحنان والوجه الحسن والإهتمام والمشاركة في الإفكار، ونحن كمجتمع نوقر الأم كثيراً وهي تستحق كل ذلك، ونقدم الغالي والثمين والحب ونراعيها في كل شيء، فلماذا لا نسعد الأب ايضا ونبذل في سبيل ارضاءه واسعاده وإحترامه وتوقيره وتدليله؟ نعم لماذا لا ندلل الأباء ونحنو عليهم، الم يقل عز من قائل "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة" .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ان رضى الله من رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد".لا أعرف لماذا هذا التميز بر الوالد منصوص عليه في الشرع و الخلق و التربية ولعل قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام المذكورة في القران الكريم والذي لم يرزق الولد الا في الثمانين من عمره حيث اعطاه الله اسماعيل وكبر اسماعيل في حضن ابيه على الخلق الحسن القويم فارد الله ان يمتحن سيدنا ابراهيم فامره بذبح ولده وتكرر ذلك في ثلاث رؤى فقال يا ولدي اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماترى قال : يا أبتي أفعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين .
هذا هو بر الوالد وهذا هو ديننا وهذه هي اخلاقنا وعكس ذلك مما نرى في حياتنا اليومية مذموم ومستنكر ومعيب ويكره الله ورسوله . واجد اليوم و نحن في هذه الايام الحرم وهي ايام فضيلة الفرصة المواتية لكل من هو على خلاف او جفاء مع والده او مقاطع له ان يتقي الله في نفسه ويعود عن غيه ويبادر لمصالحته وجبر خاطره و سؤاله ان يسامحه ويرضى عنه ولا استطيع ان اغفل في نهاية مقالتي دعوة كل ام تحرض او تؤيد او تسكت عن لدها في جفاء والده ان تتراجع فورا وتتوب الى الله وتدفع بالتي هي احسن بدل من الشحن و الزن و الله من وراء القصد.