أيام قليلة ويكمل سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الخامس والعشرين من عمره المديد، حيث ينخرط سموه في نشاطات ومتابعات ولقاءات ضمن برنامج مزدحم تشمل زيارات رسمية وشعبية تمتد لتشمل قرى ومدن المملكة من العقبة في الجنوب الى ام قيس و عقربا في الشمال وهي أنشطة تنم عن تفاعل غير مسبوق وتسريع وتيرة مدروسة لمنظومة إعداد وتأهيل سموه لحمل أعباء ومسؤوليات إدارة ملفات عديدة في الدولة داخليا و خارجيا.
من اليرموك الجامعة كان المنبر الأول لولي العهد لإلقاء أول خطاب سياسي غير معهود في المفردات والتراكيب والتي أنتجت مع أسلوب الإلقاء الواثق المتماسك أمام نخبة من العلماء والأكاديميين والباحثين وطلبة الدراسات العليا حالة من الانبهار والفخر والاعتزاز لما ينتظر مستقبل الدولة الأردنية من قوة شبابية تسير جنبا الى جنب مع حكمة وخبرة جلالة الملك لإدارة مؤسسة الحكم بحماس الشباب و حكمة الكبار.
لم يكن عبثا اختيار مكتب سمو ولي العهد الزمان والمكان..فاليرموك تربض هناك في أقاصي الشمال قريبة دوما من الهاشميين ورعايتها كما بقية شقيقاتها في عمان والجنوب، من منبر اليرموك ذاته تحدث الأب حماه الله وأفاض الجد –رحمه الله- بعطر أفكاره، في اليرموك حوران التاريخ واربد العز، رسالة واضحة من سموه ان الأردن لا تختزل بعمان وان كل مدن الأردن وقراه هي منابر للهاشميين وميادين لصرخات الحق و سيوفهم الضاربة شاهده على مواقفهم الراسخة الثابتة!! خطاب سموه في اليرموك جاء بعد أيام قليلة من احتفالات الدولة بالأعياد الوطنية (الاستقلال، الجيش والثورة العربية الكبرى، و عيد الجلوس الملكي على العرش)، كما انها تتزامن مع ضغوطات على الأردن تسابق الزمن لإخضاع الموقف الأردني الصلب والراسخ من فلسطين والقدس و ما يسمى صفقة القرن.
في حفل تخريج طلبة الدارسات العليا باليرموك الثلاثاء الماضي قدم الأمير الحسين خطابا "سياسيا" عميق الدلالات و متعدد الإشارات ورسائل للداخل والخارج، أكد خلاله ان " الهاشمية" رسالة لا تتبدل و دورها ركيزة لا تتزحزح في خدمة العروبة
والإسلام مهما تبدلت الظروف وتغيرت الأحداث. خلال عشر دقائق هي مدة خطاب ولي العهد نثر سموه فكرا هاشميا ممتدا وغرس روحا قيادية متجددة العطاء والهمة، واستعرض مواقفا أردنية صلبة متينة راسخة لا تقبل المساومة!!
صرخة مدوية أطلقها ولي العهد وبثقة عالية ان الأردن لم ولن يخطو يوما للوراء. وهي رسالة للداخل والخارج يضع سموه حدا للمشكيين بقوة وصلابة مسيرة الدولة الأردنية واستمرايتها متجاوزين كل الظروف والتحديات الضاغطة، وهي بذات الوقت تنم عن ثبات سياسة الدولة الأردنية وثقتها المطلقة بمواقفها من تطورات الأحداث، رسالة غير قابلة للتأويل ودلالة أكيدة ان الأردن دولة غير "متأرجحة" ولا تلتفت لأصحاب الأجندة المسمومة والألسن المحمومة ممن يظنون جهلا ان الأردن دولة كرتونية تمضي الى المجهول لا قدر الله.
الشرعية "المتوارثة" لوصاية الهاشميين على المقدسات في القدس هي ثاني رسائل ولي العهد، فالقدس وحماية عروبتها من ثوابت الأردنيين ووصاية الهاشميين على المقدسات أمر خارج نطاق البحث او التفاوض ومسألة غير قابلة للمساومة، وموقف سموه ما هو الا امتداد وتأكيد ينسجم مع لاءات جلالة الملك الثلاث التي أطلقها في الزرقاء قبل عدة أسابيع حينما اشتد الضغط على الأردن بشان القدس!
الشباب والرهان على إبداعهم وتوجيه طاقاتهم في بناء حاضر ومستقبل الأردن هي ثالث هذه الرسائل. فتحدث سموه بثقة عما يحمله شبابنا الأردني من إبداعات و طموح وقدرات على مواجهة التحديات، وان استحضار ولي العهد لماضي الأردنيين وربط قيم الإباء والأجداد وما تربى عليه الأردنيون وتوارثوه من مبادئ جيلا عن جيل وإشارة سموه لكرامة الأردني وقدراتهم على تحويل التحديات الى فرص مستقبلية هي إشارة بالغة الدلالة ان الشباب هم "التغيير" الحقيقي والإصلاح المنشود والرهان على الذي ينتظر حاضر ومستقبل الأردن كون الشباب وهمتهم هي نفط الأردن الحقيقي وليست حقول النفط ولا آبار الغاز التي لم يرثها الإباء والأجداد"!!
نعم وجد خطاب سمو ولي العهد أصداء واسعة إعلاميا داخليا وخارجيا، ونجحت اليرموك وإدارتها ممثلة بالعالم الجليل رئيسها الدكتور زيدان عبدالكافي كفافي ولجنتها الخاصة برئاسة د. احمد فخري العجلوني والممثلة لكل إدارات الجامعة بتنظيم الحفل وبتعاون كبير ومتابعة حثيثة وإشراف عالي المستوى من مكتب سمو ولي العهد وتشريفاته وإعلام الديوان الملكي العامر ليكون حفل تخريج الفوج الأربعين لطلبة الدراسات العليا هي محطة هامة من محطات مسيرة العطاء والانجاز الأردني.
في الختام، لاءات ولي العهد التي اتخذت من اليرموك الصرح العلمي الشامخ منبرا لها هي تأكيد لمواقف القيادة الهاشمية في التعامل مع مجمل الاحداث والقضايا الداخلية والخارجية، وهي تقطع الطريق على المزايدة على أي موقف اردني من القضايا المطروحة محليا وعالميا..دمت برعاية الله سيدي!!
*رئيس فرع نقابة الصحفيين الأردنيين بالشمال