ليس بالضرورة ان تكون من الجيل القديم لتعرف كم كانت الدراما العربية جزءا لايتجزا ولا ينسلخ من المجتمع تجسد روحه وافكاره وتطرح مشاكله بطريقة بعيدة عن التحيز والشللية واللهاث وراء المال- فقط الدراما العربية لمع نجمها في الحقبة الماضية لان الفنان كان يسعى لاثبات ذاته كي يبقى بالمركز ومقابل ذلك كان الفنان لايلتفت للشق المادي قدر التفاته للشق المعنوي في الموضوع مااوجد نجوما لهم ثقلهم على صعيد الدراما العربية وكذلك هو الحال بالنسبة للمخرج الذي كان ينتقي نجومه بعناية بعيدا عن الشللية والمحسوبية ذلك ان المخرج كان مؤهلا اكاديميا بالدرجة الاولى وعمليا قبل ان يفكر مجرد تفكير في قيادة فريق من الممثلين والفنيين الى موقع التصويرlocation اضف الى ذلك ان المخرج ايام زمان كان يملك عينا جميلة تتحكم بالصوره من خلال الكاميرا التي لم تكن تتمتع بتقنية عالية كما هي هذه الايام.
في الاردن نحن جزء من المحيط العربي وربما بدايات كثير من الفنانين العرب كانت من الاردن وتحديدا من التلفزيون الاردني الذي كان مدرسة تعلم في كنفها كثير من الفنانين العرب دروسهم الاولى في الابداع والتميز ذلك ان هذه الفئة من الفنانين كانت تسعى لان تتعلم وتبدع وتقدم للدنيا صورة مشرقة عن الفن الراقي في الوطن العربي لكن مايحدث الان يجعلك تتجشأ من زخم المادة المعروضة وانعدام الفكر الابداعي نصا واخراجا وتمثيلا وتقنية والمعادلة بسيطه جدا ذلك ان الغالبية من المنتجين في القطاع الخاص يهم احدهم بالدرجة الاول ان يجد نصا(رخيصا) وعلاوة على كونه رخيصا يهمه ان يكون عدد الشخصيات الرئيسية قليله جدا ومن بين هذه الشخصيات يهمه ان تكون هناك شخصيتان مشبعتان دراميا ولو باحداث لاقيمة لها من اجل خلق مايسمى باجواء البطل ناسيا هذا المنتج – وبالمناسبه ليس بالضرورة ان يكون مثقفا- ان البطل في العمل الفني ليس بكثرة الاحداث او المشاهد التي سيظهر فيها بقدر مايكون هناك بعض المواقف العصيبه والصعبة التي تحتاج لكاريزما شخصية قويه تنبثق من صلب الموقف وهذا مالاتتبناه كثير من الاعمال الدرامية العربية بشكل عام والعمل الدرامي الاردني بشكل خاص ثم ان التركيز على شخصية واحده او شخصيتين في العمل الدرامي وترك بقية الشخصيات اشبه بالهامشيه او حشوات لسد فراغ يعبر عن ضعف وهزال في جسم العمل الدرامي واذا اخذنا اعمالنا الدرامية في الاردن في العقد المنصرم لوجدنا غالبيتها عباره عن محاولات لااكثر ولم ترتق للمستوى الذي يجعلك تستبشر ان الجيل الجديد من الفنانين يمسكون باداواتهم الفنية فالغالبية يدخلون الوسط بطريق الصدفه فمن عامل انتاج مستواه التعليمي لايتجاوز الاعدادية الى كومبارس ودور ثانوي ثم بطوله وبعد سنوات تجده في موقع متقدم في الساحة الفنية.
دائما وابدا الزحام يعيق الحركة ففي الساحة الفنية الاردنية اختلط الورق وغابت الحكمة فالكاتب يسعى للتمثيل والممثل تبنى دور الكاتب والمخرج يكتب ويمثل فلا شي يجعلك تتامل خيرا والدليل كثرة النصوص التي تطرح سنويا ولك ان تتخيل ان اكثر من اربعين عملا قدمت للنقابه هذا العام تم تقديم جزء منها لادارة التلفزيون لاجازتها والحقيقه الصادمة في الاعمال المقدمة ان كل صاحب عمل يسعى للفوز بعقد من التلفزيون وليس بالضرورة ان يكون نصه جميلا او يعالج واقعا بطريقة واقعية والانكا من ذلك عندما يحشر مثلا احد اعضاء مجلس الادارة او النقيب او شخصية متنفذه نفسه في احد هذه الاعمال ويضع كل ثقله من اجل اجازة هذا العمل عن طريق لجنة ضعيفه هي بالاصل تحتاج الى تقييم من اجل ان يحصل على مبلغ مالي وليس من اجل تقديم فن راق يليق بتارخنا القديم والحديث.
لدينا نقابه لم تسع لتطوير نفسها اطلاقا فهي بدل ان تتبنى برنامجا مستقلا تطالب من خلاله بميزانية مستقلة تجعلها قادرة على انتاج اعمال درامية خاصه بها فانها تستجدي التلفزيون لانتاج اعمال درامية وما اعرفه انا عن التلفزيونات العالمية ان التلفزيون لاعلاقه له بالدراما فقط علاقته بانتاج برامج وافلام وثائقية تحاكي قصه انية علاوة على الاخباروليس انتاج اعمال ريفيه او بدوية وهي بالمناسبة اصبحت وسيله للتكسب علاوة على ان الدراما البدوية التي نعرضها لاعلاقه لها بالمطلق بالحياة البدوية الاردنية وانا شخصيا استطيع ان اقول ان مايعرض على شاشتنا من اعمال بدوية فيها اساءة للصورة البدوية الراسخة باذهاننا مثل هذه الاعمال ربما تحاكي بعض عادات الطوارق فالكاتب لاعلاقه له ولا المخرج ولا المنتج الكل يسعى لحشو جيبه على حساب كرامة البدوي وانا شخصيا لو راقبت هذه النصوص لاودعتها سلة المهملات فلا يجوز ان نجلد المراة البدوية بسياط العولمه ونخرجها عن صورتها الحقيقية شعور منسدله واحمر شفاه ولباس ملوكي وارائك وكسر لكثير من العادات ولنضع النقاط على الحروف ولا نجامل ايا كان اعمالنا الدرامية بحاجة لهزة غربال فليس فيها مايعول عليه متمنيا ان ينهض الفن الاردني من جديد وان يقوم على رجليه ويحاكي الواقع بطريقه محترمة.