يعاني القطاع الصناعي الأردني من تحديات ومعيقات كثيرة، منها ما يتعلق بغياب الإجراءات الحمائية لمواجهة الهجمة الإغراقية للسوق الأردنية، وأخرى تتعلق بارتفاع كلف الإنتاج ومدخلاته، وثالثة تتعلق بفرض رسوم وضرائب مرتفعه على القطاع الصناعي وبخاصة ضريبتي الدخل والمبيعات الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف تنافسينه.
ورغم شكوى القائمين على هذا القطاع ومطالبتهم بتوفير الإجراءات الحمائية وتعديل التشريعات وتخفيض الضرائب، إلا أن ردود القطاع العام (الحكومي)، ما تزال مجرد وعود لم تظهر إلى ارض الواقع ، فهو إما أنه غير مدرك للمشاكل والتحديات التي يواجهها هذا القطاع - واستبعد ذلك – أو أنه ما يزال يرى في القطاع الصناعي مصدر دخل للخزينة كبير - وهو فعلا كذلك - وعليه أن يواجه كل تلك التحديات والأعباء بذاته.
وكما هو معروف فأن الصناعة هي الخطوة الأولى لتحقيق دولة الإنتاج ... وما دامت الصناعة الأردنية تمتلك المقومات، وتعد من الأقدم بالمنطقة فيجب علينا أن نفكر جليا بمصلحة الصناعيين، وأن نعمق من مفهوم الصناعة المحلية كحالة وطنية تسهم في دعم الاقتصاد الوطني بدءا من المدرسة لخلق جيل يؤمن بأن بناء مستقبل البلد يبدأ بثلاثية الإنتاج، وتقديس العمل، والاعتزاز بصناعته، وبالتالي زيادة إقبال المواطن على صناعته المحلية، وزيادة إنتاجية العامل، وتجويد ما المنتجات الوطنية .
وكما نعرف يسهم القطاع الصناعي الأردني بشكل كبير بدعم الاقتصاد الوطني إذ تصل مساهمته المباشرة إلى نحو 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وترتفع إلى نحو 40 بالمائة اذا ما تم احتساب المساهمة غير المباشرة في دعم القطاعات الأخرى وبخاصة النقل، ولكن إذا لم يجد الدعم والاهتمام الرسمي الكافيين للحفاظ على دوره بدعم الاقتصاد الوطني وتمكينه من المنافسة، فقد تضعف هذه المساهمة ونشهد خروج العديد من الصناعات من السوق إما هروبا، أو عزوفا وتوقفا عن الإنتاج بسبب ما يعانيه من تحديات أخذت تعيق نموه وحركته وتوسعه، ولا يمكنه وحده التغلب عليها، بعد أن فقد الكثير من قدرته على التكيف مع المستجدات الداخلية والخارجية بسبب تعددها وازديادها لدرجة أنها أصبحت أزمات متلاحقة واحدة تلو الأخرى .
لقد أدرك القطاع الصناعي الأردني الذي وجد نفسه وحيدا بمواجهة التحديات ضرورة ابتكار طرق جديدة لحماية نفسه، والحفاظ على قدرته التنافسية، معتمدا على مزايا المنتج الأردني وجودته، فجاء إطلاق "حملة صنع في الأردن" بالتعاون بين غرفة صناعة عمان والمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية عام 2013، بهدف زيادة الوعي بالمنتج الأردني ومزاياه، ورفع نسبة المنتجات الأردنية في الأسواق وزيادة إقبال المستهلك المحلي والأجنبي على المنتجات الوطنية الأردنية، لكن هذه الطريقة تحتاج إلى وقت طويل لظهور نتائجها، فقد أسهمت الحملة على سبيل المثال خلال ستة أعوام برفع نسبة تغطية الاستهلاك المحلي من المنتجات الأردنية بنحو 4 بالمائة فقط .
ورغم نجاح حملة صنع في الأردن بالوصول إلى المستهلك المحلي وتغيير توجهاته، وتعميق قناعاته بالمنتج الوطني، وزيادة إقباله على الصناعات الوطنية، لكنها تبقى غير كافية لمواجهة الامتيازات التي تتمتع بها الصناعات في دول الجوار وبخاصة تلك المتعلقة بفاتورة الطاقة والضرائب والرسوم، وإذا ما أردنا له النجاح بمواجهة التحديات، والحفاظ على دوره بدعم الاقتصاد الأردني، يتوجب على القطاع الرسمي (الحكومي) في ضوء التحديات والمعوقات الداخلية والخارجية التي تعاني منها الصناعات الأردنية العمل على ما يلي :-
- حماية الصناعات والمنتجات الوطنية من الإغراق، وبخاصة مع ازدياد المنافسة غير العادلة بين الصناعات الأجنبية والأردنية التي تشكو من تزايد الاستيراد، وعدم الاستجابة لطلبات فرض رسوم لمكافحة الإغراق.
- تفعيل قانون حماية الإنتاج الوطني رفم21 لسنة 2011 ، رغم ما يشوبه من عيوب تؤدي إلى البطء في اتخاذ إجراءات الحماية، الأمر الذي يتطلب الإسراع بتعديل التشريعات الحمائية، وبخاصة إن السلع المنافسة إما أنها تتمتع بدعم حكومي في بلدانها أو بانخفاض كلف الإنتاج وبخاصة فاتورة الطاقة او نسبة الرسوم والضرائب المفروضة عليها والتي هي اقل مما هو مفروض على الصناعات الأردنية .
- دعم وتحفيز الصناعات والمنتجات الوطنية، بما يقلل من كلف الإنتاج ومدخل ، من خلال تخفيض فاتورة الطاقة(أسعار المشتقات النفطية والكهرباء ) ، والنقل والشحن، والضرائب، والرسوم
- تسهيل حصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التمويل، وتحفيز البنوك لتسهيل حصول المصانع على التمويل ، ومعالجة التحديات التي تواجه قطاع النقل والبنية التحتية
- دعم ترويج الصادرات من خلال هيئة الاستثمار