يشير الاعلان الرسمي الأميركي الذي جاء على لسان الرئيس ترمب الى بدء مرحلة جديدة فيما يتعلق بالشأن السوري الداخلي والتنظيمات التكفيرية، مع اقتراب الانسحاب الاميركي في نيسان المقبل.
فعلياً فلول «داعش» بقواتها غير البسيطة، ما زالت موجودة في بؤر ساخنة على الأرض السورية وقرب الحدود العراقية، فإعلان ترامب سياسي بالدرجة الأولى،اذ قد تتموضع قوات داعش مجدداً بين العراق وسوريا وتشكل بؤر عدم استقرار للبلدين قد تستخدم حسب الطلب وبالوقت المناسب، وفق مصالح الدول «المتدخلة» على رأسها الولايات المتحدة.
ويرى الكثير من المراقبين السياسين أن تنظيم داعش الارهابي، يعتبر ورقة أميركية رابحة حققت من خلاله واشنطن أهدافاً كثيرة لعل أبرزها التدخل المباشر في سوريا والتموضع بقواعد عسكرية على أراضيها، وقد أشرفت على ادارة «داعش» قوات أميركية ودعمته لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية معروفة.
ويثور مع الاعلان الرسمي الأميركي تساؤلات، حول مصير آلاف القوات، خاصة الأجانب الذي ينتمون لهذا التنظيم الارهابي، وكيف سيتم التعاطي معهم..؟!
ربما أن هذه العناصر الإرهابية قد تظهر مجدداً بتنظيم أكثر قوة في مكان آخر، أو قد تعود للفصيل الأم تنظيم القاعدة في أفغانستان بقيادة وأدوات جديدة.
إعلان ترامب انتهاء «داعش» يرتبط بما هو قادم من مخططات للمنطقة، سواء أكانت مرتبطة بما يسمى «صفقة القرن»، أو بمستقبل الدولة السورية بعد الحرب الأهلية الطاحنة.
وفي جميع الأحوال ستشكل المساحات التي كانت مسيطرة عليها «داعش» والغنية بالنفط والغاز والاراضي الزراعية، نزاعاً طاحناً بين الفصائل السورية المعارضة المدعومة من أميركا مع قوات الجيش السوري الذي لن يتركها خارج إطار سيطرته مهما كان الثمن.
الأمور معقدة جداً، ولا يمكن انهائها بقرار - كما جاء على لسان ترمب - فالمسألة ستتضح خلال الأيام المقبلة، غير أنه من السيناريوهات المرجحة، إعادة تموضع التنظيم في سوريا والعراق لاستخدامه بإثارة القلاقل وابتزاز الدولتين وإبقائهما بحالة ضعف تام.
وفي السيناريو الآخر يرجح أن يظهر التنظيم الأم «القاعدة» بشكل أكثر قوة بقيادات جديدة وأدوات مختلفة عن السابقة، وقد يتزعم التنظيم حمزة بن لادن الذي تشير الأنباء غير المؤكدة انه يتواجد في اليمن، فيما تشير التقارير الى تدهور صحة زعيم التنظيم أيمن الظواهري.
الواقع المر، أن التطرف التكفيري لم ينته ولن ينتهي كما يبدو ما دام أنه يحقق مصالح جمة لواشنطن واسرائيل في المنطقة من خلال اعطاء ذريعة كبيرة للتدخل الدولي في المنطقة بحجة مكافحة الإرهاب، واستباحة الدول العربية، وتحويلها الى دول فاشلة مستنزفة تفتقد الى مقومات الحياة فيها.
مطلوب من الشعوب العربية والاسلامية في الفترة المقبلة أن تكون أكثر وعياً وادراكاً، وعليها ان تحارب كل أشكال التطرف والإرهاب قبل أن يحاربه غيرهم على أرضهم، وذلك من خلال نشر سماحة الاسلام، باذابة الخلافات بين مكونات المجتمع الواحد ونبذ الطائفية، والعمل سواسية في وطن واحد بأمن وسلام لتفويت الفرصة على الإرهاب الأعمى وكل من يستغله لأجنداته الخاصة.